طهارته الذي جرت فيه أصالة الطهارة حتّى لو كان نجسا في الواقع ، وهذا نحو من التصويب الذي ينتج أنّ الصلاة في مثل هذا الثوب تكون صحيحة واقعا ، ولا تجب إعادتها على القاعدة ؛ لأن الشرطيّة قد اتّسع موضوعها.
ذهب صاحب ( الكفاية ) إلى التفصيل بين قسمين من الأحكام الظاهريّة :
١ ـ الأمارات والأصول العمليّة الجارية في الشبهات الحكميّة كالبراءة والاحتياط ، فهذه لا تتصرّف في الأحكام الواقعيّة ، ولذلك فهي على القاعدة إن وافقت الواقع فلا إشكال ، وإن خالفت الواقع وعلم المكلّف بذلك فيما بعد. فإن كان في الأثناء تجب الإعادة ؛ لعدم تحقّق الامتثال والإطاعة واقعا ولبقاء الملاكات والمبادئ على حالها ، فيحكم العقل بوجوب الامتثال ، وإن كان بعد فوات الوقت فالقضاء يحتاج إلى دليل خاصّ ولا يستفاد من نفس أدلّة الأحكام ؛ لأنّ الزمان بمثابة قيد في الحكم.
٢ ـ الأصول العمليّة الجارية في الشبهات الموضوعيّة كأصالة الحليّة والطهارة والاستصحاب في الموضوعات ، فهذه تتصرّف بالأحكام الواقعيّة. ومعنى التصرّف هو أنّنا لو أخذنا الحكم الواقعي بشرطيّة الثوب الطاهر في الصلاة أي أنّه يشترط في الصلاة أن تكون بثوب طاهر ، فإنّ هذه الشرطيّة تتّسع ببركة أصالة الطهارة لتشمل الشرطيّة الواقعيّة أي الثوب المعلوم طهارته واقعا ، والشرطيّة الظاهريّة أي الثوب المشكوك الطهارة الذي تجري فيه أصالة الطهارة فإنّه ثوب طاهر ظاهرا فيكون مصداقا للشرطيّة المذكورة. فلو صلّى بهذا الثوب أي الطاهر ظاهرا ثمّ تبيّن فيما بعد أنّه نجس واقعا فإن كان في الأثناء فضلا عن خارج الوقت لا تجب الإعادة ؛ لأنّ الشرطيّة المذكورة قد اتّسعت لتشمل الثوب الطاهر واقعا وظاهرا ، بعد إن كان مقتضى القاعدة هو وجوب الإعادة في الأثناء.
وهذا نحو من أنحاء التصويب أي كون الأحكام الظاهريّة مصيبة للواقع في خصوص هذا القسم دائما ؛ لأنّ الواقع يتغيّر على وفقها سعة وضيقا.
وتقريب ذلك : أنّ دليل أصالة الطهارة بقوله : ( كلّ شيء طاهر حتّى تعلم أنّه قذر ) يعتبر حاكما على دليل شرطيّة الثوب الطاهر في الصلاة ؛ لأنّ لسانه لسان توسعة موضوع ذلك الدليل وإيجاد فرد له ، فالشرط موجود إذن.