لا يمكن وقوعه وصدوره من الشارع ؛ لأنّه لن يكون له أثر وفائدة فيكون جعله لغوا.
وبيان ذلك : أنّ هذا الترخيص افترض صدوره في موارد كثرة وقوع القاطعين في الخطأ وعدم تمييزهم لموارد التكليف من موارد الترخيص ، وهذا يعني أنّه متوجّه نحو القاطعين بالتكليف خطأ ، وهنا كلّ قاطع بالتكليف يرى أنّه مصيب في قطعه وأنّ مقطوعه ثابت واقعا ولا يراه مخطئا ، بل ولا يحتمل ذلك وإلا لما كان قاطعا ؛ لأنّ القطع كما تقدّم معناه الانكشاف التامّ وسكون النفس وعدم الحيرة والشكّ ، وحينئذ فكلّ قاطع لا يرى نفسه مشمولا لهذا الترخيص الظاهري ؛ لأنّه يعتقد بأنّ هذا الترخيص متوجّه للقاطع بالخطإ وهو ليس قاطعا خطأ ، بل هو يرى نفسه قاطعا مصيبا ولو باعتقاده ونظره. فهو يرى نفسه خارجا عن هذا الترخيص ، ولو فرض كون هذا الترخيص عامّا ومطلقا ويشمله بإطلاقه وعمومه إلا أنّه يرى أنّ هذا الشمول له ليس جدّيّا ، بل هو من باب قصور الألفاظ وضيق الخناق ، فهو بالنسبة إليه ليس ترخيصا جدّيّا.
وقد قلنا سابقا : إنّ الترخيص من المولى في موارد التنجيز وحقّ الطاعة لا بدّ أن يكون جدّيّا حتّى يرتفع موضوع التنجيز ودائرة حقّ الطاعة ، وهنا لا يوجد ترخيص جدّي. فالمنجّزيّة وحقّ الطاعة على حالهما لبقاء موضوعهما.
ويتلخّص من ذلك :
أوّلا : أنّ كلّ انكشاف للتكليف منجّز ولا تختصّ المنجّزيّة بالقطع لسعة دائرة حقّ الطاعة.
أي أنّ كلّ انكشاف سواء كان قطعا أو ظنّا أو احتمالا فهو منجّز ويدخل ضمن دائرة حقّ الطاعة وحكم العقل بلزوم الامتثال والإطاعة وحرمة المخالفة واستحقاق العقوبة عليها.
وثانيا : أنّ هذه المنجّزيّة مشروطة بعدم صدور ترخيص جادّ من قبل المولى في المخالفة.
أي أنّ هذه المنجّزيّة لمّا كانت لأجل مولويّة المولى واحترام حقّ الطاعة فهي منجّزيّة متوقّفة على عدم صدور ترخيص مولوي جادّ وإلا فترتفع هذه المنجّزيّة ؛ لأنّ المولى نفسه هو أذن وسمح بالمخالفة.