تمييزه لها ضمانا للحفاظ على ما الأهمّ من هذه الملاكات واقعا ، فيكون هذا الترخيص الظاهري المفترض يحمل نفس روح وحقيقة الحكم الظاهري ولكنّنا لا نسمّيه حكما ظاهريّا ؛ لئلاّ يرد المحذور من أنّه مأخوذ فيه الشكّ ولا شكّ مع القطع. وهذا الترخيص الظاهري المفترض هو :
فإذا افترضنا أنّ المولى لاحظ كثرة وقوع القاطعين بالتكليف في الخطأ وعدم التمييز بين موارد التكليف وموارد الترخيص ، وكانت ملاكات الإباحة الاقتضائيّة تستدعي الترخيص في مخالفة ما يقطع به من تكاليف ضمانا للحفاظ على تلك الملاكات ، فلما ذا لا يمكن صدور الترخيص حينئذ؟!
عرفنا أنّ الحكم الظاهري الاصطلاحي هو الخطاب الذي يبرز ما هو الأهمّ من الملاكات الواقعيّة في موارد الشكّ والحيرة والاختلاط وعدم التمييز. وهنا لدينا حكم ظاهري باصطلاح جديد وهو الخطاب الذي يجعل في موارد القطع ضمانا لعدم وقوع المكلّف في القطع بالخطإ ، حيث إنّ الشارع قد لاحظ كثرة وقوع القاطعين في الخطأ والاشتباه لأجل عدم تمييزهم لموارد الترخيص عن موارد التكليف ، فيجعل المولى حكما ظاهريّا لا بالمصطلح المعروف المأخوذ فيه الشكّ ، بل بروح الحكم الظاهري وحقيقته في موارد القطع ، وهذا فيما إذا كان ملاكات الإباحة الاقتضائيّة هي الأهمّ ، بأن يكون المكلّف مطلق العنان بنظر الشارع وتستدعي لأجل الحفاظ عليها وضمان عدم وقوع المكلّف في العسر والمشقّة والحرج أن يصدر الشارع مثل هذا الترخيص الظاهري في موارد القطع ضمانا للحفاظ عليها. فلما ذا لا يمكن جعل مثل هذا الترخيص الظاهري الذي ليس حكما ظاهريّا بالاصطلاح ، والاسم وإنّما هو حكم ظاهري من حيث الروح والجوهر والحقيقة؟!
والجواب على هذه المناقشة : أنّ هذا الترخيص لمّا كان من أجل رعاية الإباحة الواقعيّة في موارد خطأ القاطعين ، فكلّ قاطع يعتبر نفسه غير مقصود جدّا بهذا الترخيص ؛ لأنّه يرى قطعه بالتكليف مصيبا ، فهو بالنسبة إليه ترخيص غير جادّ ، وقد قلنا فيما سبق : إنّ حقّ الطاعة والتنجيز متوقّف على عدم الترخيص الجادّ في المخالفة.
الجواب : أنّ مثل هذا الترخيص الظاهري المفترض وإن كان ممكنا ثبوتا وتصوّرا إلا أنّه