فهناك ترديد بين الأقلّ والأكثر ، أي إمّا المنافاة في نظره وفي الواقع في حالة الإصابة أو في نظره فقط في حالة الخطأ ، فالحال لا يخلو من أحدهما.
والوجه في استحالة الثاني : أنّ الحكم الظاهري ما يؤخذ في موضوعه الشكّ ولا شكّ مع القطع ، فلا مجال لجعل الحكم الظاهري.
وإذا كان الترخيص ظاهريّا فجعله في مورد القطع بالتكليف محال ؛ وذلك لأنّ القاطع بالتكليف يرى أنّ الواقع هو هذا ؛ لأنّ القطع معناه الإراءة والكشف التامّ عن الواقع فهو يعتقد ويصدّق بأنّ التكليف ثابت واقعا. وهذا معناه أنّه لا شكّ ولا حيرة عنده ، وحينئذ لا يكون هناك معنى بنظره واعتقاده لهذا الترخيص الظاهري ؛ وذلك لأنّ الحكم الظاهري قد جعل في مورد الشكّ والحيرة في الواقع ، ثمّ عدم الشكّ والحيرة لا مجال للحكم الظاهري لارتفاع موضوعه ، وهنا الأمر كذلك.
وعليه ، فالمكلّف لا يرى أنّ هذا الترخيص الظاهري شامل له بنحو جدّي ؛ لأنّه قاطع لا شكّ عنده. وهذا الحكم الظاهري متوجّه للشاكّ وهو ليس شاكّا ، فهو يرى أنّ هذا الترخيص مختصّ بالشاكّ وهو غيره ، فالترخيص وإن كان بظاهره مطلقا وعامّا إلا أنّ المراد الجدّي هو خصوص الشاكّ ولذلك لا يرى هذا القاطع أنّ هذا الترخيص جدّيّا بالنسبة له ، وإنّما شمله من باب ضيق الخناق وقصور اللفظ.
وقد يناقش في هذه الاستحالة بأنّ الحكم الظاهري كمصطلح متقوّم بالشكّ لا يمكن أن يوجد في حالة القطع بالتكليف ، ولكن لما ذا لا يمكن أن نفترض ترخيصا يحمل روح الحكم الظاهري ولو لم يسمّ بهذا الاسم اصطلاحا؟ لأنّنا عرفنا سابقا أنّ روح الحكم الظاهري هي أنّه خطاب يجعل في موارد اختلاط المبادئ الواقعيّة وعدم تمييز المكلّف لها لضمان الحفاظ على ما هو أهمّ منها.
قد يقال : إنّ جعل الترخيص الظاهري في موارد القطع بالتكليف ممكن ؛ وذلك لأنّ الاستحالة المذكورة كانت لأجل أنّ الحكم الظاهري كما هو المصطلح المعروف مورده الشكّ ومتقوّم في ظرف الشاكّ وفي الواقع ، والشكّ يرتفع عند القطع بالتكليف ، ولكنّنا نفترض أنّ هذا الترخيص الظاهري يحمل نفس روح وحقيقة الحكم الظاهري ولكنّه ليس حكما ظاهريّا بالمصطلح المعروف المتقوّم بالشكّ ، بل نقول : إنّ هذا الترخيص الظاهري يجعله المولى عند اختلاط الملاكات والمبادئ وعدم