يستطيع تمييز المخطئ من المصيب منها. فكلّ قطع بعدم التكليف يكون داخلا ضمن دائرة العلم الإجمالي بوجود قطوعات نافية مخطئة فيجب الاجتناب عنه.
وعليه ، فلو لم يجتنب بل سار وفقا لما قطع به من عدم التكليف لا يكون معذورا ؛ لأنّه مخالف لوجوب الاحتياط والاجتناب والتحفّظ الذي أبرزه العلم الإجمالي ، فإنّ منجّزيّة العلم الإجمالي لا يمكن سلبها عنه عقلا أو عقلائيّا كما تقدّم.
فإن قيل : إنّ القطّاع حين تتكوّن لديه قطوع نافية يزول من نفسه ذلك العلم الإجمالي ؛ لأنّه لا يمكنه أن يشكّ في قطعه وهو قاطع بالفعل.
هذا إشكال على الوجه الثاني وحاصله : أنّ هذا العلم الإجمالي منحلّ ومع انحلاله لا يكون منجّزا لوجوب الاجتناب عن القطوعات النافية للتكليف.
وكيفيّة الانحلال أن يقال : إنّ هذا القطّاع عند ما يحصل لديه قطع ناف للتكليف بالفعل فيقطع مثلا بعدم وجوب صلاة الجمعة يوم الجمعة ، فإنّ هذا القطع الذي تكوّن لديه وغيره أيضا من القطوعات الفعليّة النافية للتكليف سوف توجب زوال وانحلال العلم الإجمالي ؛ لأنّه يعتقد بأنّ هذا القطع أو القطوعات التي حصل عليها بالفعل ليست داخلة ضمن دائرة ذلك العلم الإجمالي المنجّز ؛ لأنّه يراها مصيبة وصحيحة ولا يحتمل فيها الخطأ ؛ لأنّه لو احتمل كونها مخطئة أو ليست صحيحة لم يكن قاطعا ، وهذا خلف المفروض. إذا ينحلّ العلم الإجمالي لخروج بعض أطرافه من دائرته بالعلم التفصيلي ، فتبقى القطوعات الأخرى مشكوكة ، ولكنّه كلّما حصل لديه قطع ناف كان خارجا عن دائرة العلم الإجمالي ؛ لأنّه لا يشكّ ولا يحتمل الخطأ فيه لأنّه قاطع فعلا.
وعليه فلا يكون مثل هذا العلم الإجمالي ذا أثر أصلا فلا معنى لجعله وصدوره ؛ لأنّه لغو.
كان الجواب : أنّ هذا مبنيّ على أن يكون الوصول كالقدرة. فكما أنّه يكفي في دخول التكليف في دائرة حقّ الطاعة كونه مقدورا حدوثا ـ وإن زالت القدرة بسوء اختيار المكلّف ـ كذلك يكفي كونه واصلا حدوثا وإن زال الوصول بسوء اختياره.
هناك بحث سيأتي وهو أنّ القدرة شرط في التكليف ، بمعنى أنّه لا يجوز التكليف