القطعي ، فإنّه إذا علم وجدانا بشيء يعلم أيضا بلوازمه ؛ لأنّ هذا الأمر إذا كان ثابتا واقعا وتكوينا كالعلم بحياة زيد بعد غيابه سبعين عاما فإنّه يعني أيضا العلم بأنّه كبير وذو لحية بيضاء وأنّه يحرم تقسيم تركته وإلخ ... إلى آخره. فإنّ هذه اللوازم تكون ثابتة وجدانا أيضا تبعا لثبوت ملزومها بالوجدان ، وتكون حجّة على أساس حجّيّة القطع والعلم كالمدلول المطابقي تماما.
الحالة الثانية : أن يكون الدليل ظنّيّا إلا أنّ الدليل الدالّ على حجّيّته يرتّب الحجّيّة على عنوان صالح للانطباق على الدلالتين معا ، كخبر الثقة مثلا. فإنّه دليل ظنّي إلا أنّ الدليل الدالّ على حجّيّته كالأخبار أو السيرة العقلائيّة يفترض أنّها ترتّب الحجّيّة لهذا الخبر لا على خصوص ما يحكي عنه ويؤدّيه ، بل على عنوان هذا الخبر ، أي إخبارات الثقة حجّة كلّها. فهنا إذا أخبرنا الثقة عن بقاء زيد حيّا بعد تلك المدّة الطويلة فهو يخبرنا أيضا عن هرمه وشيخوخته وحرمة تقسيم أمواله وعدم بينونة زوجته ، هكذا. فكانت الدلالتان المطابقيّة والالتزاميّة مصداقين لهذا العنوان أي الإخبار ، فإنّ كلاّ منهما إخبار أيضا.
فيكون المدلول الالتزامي حجّة على أساس كونه داخلا في موضوع الحجّيّة ولا نحتاج إلى مئونة زائدة لإثبات حجّيّته.
والحاصل : أنّه في هاتين الحالتين لا إشكال في ثبوت المدلول الالتزامي وكونه حجّة ، إمّا على أساس حجّيّة القطع ، وإمّا على أساس حجّيّة الدليل الدالّ على حجّيّة هذا العنوان المنطبق على الدلالتين معا.
وأمّا في غير هاتين الحالتين فقد يقع الإشكال ، كما في الظهور العرفي الذي قام الدليل على حجّيّته فإنّه ليس قطعيّا ، كما أنّ دلالته الالتزاميّة ليست ظهورا عرفيّا. فقد يقال : إنّ أمثال دليل حجّيّة الظهور لا تقتضي بنفسها إلا إثبات المدلول المطابقي ما لم تقم قرينة خاصّة على إسراء الحجّيّة إلى الدلالات الالتزاميّة أيضا.
وأمّا إذا كان الدليل ظنّيّا ولم يكن دليل الحجّيّة يرتّب الحجّيّة على عنوان الخبر أو الظهور فهنا يقع الإشكال ، من قبيل الظهور العرفي كظهور صيغة ( افعل ) في الوجوب مثلا. فإنّ هذا الظهور حجّة ؛ لقيام الدليل على حجّيّته والعمل به استنادا إلى أصالة حجّيّة الظهور الثابتة عقلائيّا والممضاة شرعا. ولذلك يقال بأنّ ظهور صيغة الأمر في