دليلها واردا على دليل ذلك الحكم الشرعي بوجوب الاجتناب ؛ لأنّه يحقّق فردا ومصداقا حقيقيّا من أفراد ومصاديق موضوعه الذي هو المنجّزيّة والمعذّريّة ، والقطع وإن ذكر في الموضوع إلا أنّه ذكر بوصفه منجّزا ومعذّرا ، أي مصداقا لهما لا بوصفه كاشفا تامّا أو طريقا إلى الغير.
وهذا القسم ممّا لا شكّ فيه عند أحد منهم. والدليل عليه نفس دليل حجّيّتها ولا يحتاج إلى دليل آخر.
وأمّا إذا كان القطع مأخوذا بما هو كاشف تامّ فلا يكفي مجرّد اكتساب الأمارة صفة المنجّزيّة والمعذّريّة من دليل الحجّيّة لقيامها مقام القطع الموضوعي ، فلا بدّ من عناية إضافية في دليل الحجّيّة.
وأمّا إذا كان كان القطع مأخوذا في موضوع الحكم الشرعي بوصفه كاشفا تامّا وطريقا محرزا لما تعلّق به وأضيف اليه أي المقطوع. فهنا لا يكفي أن تكون الأمارة منزّلة منزلة القطع في المنجّزيّة والمعذّريّة أي القطع الطريقي ؛ للقول أنّها منزّلة منزلة القطع الكاشفيّة التامّة أي ( القطع الموضوعي ). فإنّ دليل الحجّيّة الذي يكسب الأمارة المنجّزيّة والمعذّريّة لا يفي بنفسه أيضا لإثبات قيامها مقام القطع الموضوعي بما للقطع من كاشفيّة تامّة ؛ وذلك لأنّ هذه الكاشفيّة التامّة ليست موجودة في الأمارة لا حقيقة ؛ لأنّها كاشف ناقص ، ولا بدليل الحجّيّة ؛ لأنّ المستفاد من دليل الحجيّة كونها منجّزا ومعذّرا فقط أي حجّة وهذا غير الكاشفيّة.
إذا فنحتاج إلى إثبات قيامها مقام القطع الموضوعي بما هو كاشف تامّ وطريق إلى دليل آخر غير دليل الحجّيّة (١).
وقد التزم المحقّق النائيني قدسسره بوجود هذه العناية بناء على ما تبنّاه من
__________________
(١) مضافا إلى أنّ صاحب ( الكفاية ) أشكل على استفادة قيامها مقام القطع الموضوعي بما يلي : إنّ قيام الأمارة مقام القطع الطريقي معناه لحاظ الأمارة والقطع بما هما آلة ، بينما قيامها مقام القطع الموضوعي معناه لحاظ الأمارة والقطع بما هما مستقلاّن ؛ وذلك لأنّ اللحاظ الأوّل إنّما يتمّ فيما إذا نزلت الأمارة منزلة القطع في المؤدّى والواقع ، بينما اللحاظ الثاني إنّما يتمّ إذا نزّلت الأمارة منزلة القطع مستقلاّ بنفسه ، والجمع بين التنزيلين معا في دليل واحد معناه الجمع بين اللحاظين الآلي والاستقلالي في دليل واحد وهو مستحيل ؛ لأنّهما متضادّان لا يجتمعان على شيء واحد.