الفور والتراخي
ثمّ إنّ الأمر لا يدلّ على الفور ، ولا على التراخي ، أي أنّه لا يستفاد منه لزوم الإسراع بالإتيان بمتعلّقه ، ولا لزوم التباطؤ ؛ لأنّ الأمر لا يقتضي إلا الإتيان بمتعلّقه ، ومتعلّقه هو مدلول المادّة ، ومدلول المادّة طبيعي الفعل الجامع بين الفرد الآني والفرد المتباطأ فيه.
المقصود من الفور : هو لزوم الإسراع في الامتثال والإتيان بالمأمور به الذي هو متعلّق الأمر. والمقصود من التراخي : التأخير والتباطؤ في الامتثال.
وحينئذ نقول :
الأمر بمادّته وهيئته لا يدلّ على الفور ولا يدلّ على التراخي بحسب المدلول التصوّري الوضعي ؛ لأنّه لا يدلّ إلا على الطلب أو النسبة الإرساليّة فقط. وأمّا لزوم الإسراع أو التباطؤ فهو خارج عن مدلول اللفظ.
فمثلا ( أكرم العالم ) تدلّ صيغة الأمر على النسبة الإرساليّة بنحو الطلب الوجوبي لإكرام العالم ، فهناك نسبة بين الفعل أي المادّة والفاعل وهو المأمور أي المكلّف ، وهذه النسبة يراد تحقيقها وإيجادها ، فمتعلّق الأمر هو الإكرام أي المادّة ، والمادّة عبارة عن المفهوم الاسمي أي المطلق وكلّي الإكرام ، وهذا الإكرام المطلق كما يتناسب مع الفور كذلك يتناسب مع التراخي ، ولا معيّن لأحدهما على الآخر ولا ترجيح له ؛ لأنّه ترجيح بلا مرجّح ، فيثبت جواز الأمرين وأنّ المكلّف مخيّر بينهما.