الأمر الأوّل : في أنحاء وجود الماهيّة في الخارج إنّ ماهيّة الإنسان بوجودها الخارجي : إمّا أن تكون واجدة لصفة العلم وإمّا أن تكون فاقدة لها. ففي الخارج إمّا أن يكون الإنسان عالما ، وإمّا أن لا يكون عالما. وهذا يعني أنّ هناك حصّتين من الوجود الخارجي لماهيّة الإنسان تتّصفان بالإمكان الوجودي بحيث يكون اتّصافهما بالوجود في الخارج وهما :
١ ـ الإنسان الواجد لصفة العلم في الخارج وهو الإنسان العالم.
٢ ـ الإنسان الفاقد لصفة العلم في الخارج وهو الإنسان غير العالم.
ولا يتصوّر لها حصّة ثالثة ينتفي فيها الوجدان والفقدان معا ؛ لاستحالة ارتفاع النقيضين. ومن هنا نعرف أنّ مفهوم الإنسان الجامع بين الواجد والفاقد ليس حصّة ثابتة في الخارج في عرض الحصّتين السابقتين.
ولا يمكن أن يوجد في الخارج حصّة ثالثة للماهيّة ينتفي عنها وجدان وفقدان صفة العلم ، بأن يكون في الخارج إنسان ليس واجدا لصفة العلم وليس فاقدا لصفة العلم. فإنّ مثل هذه الحصّة يستحيل وجودها في الخارج ؛ لأنّ العلم وعدم العلم نقيضان يستحيل ارتفاعهما ويستحيل اجتماعهما على موضوع واحد من جهة واحدة ، ولذلك يستحيل وجود إنسان في الخارج ينتفي عنه العلم وعدم العلم ؛ لأنّ ذلك معناه ارتفاع النقيضين عن موضوع واحد وهو مستحيل.
ومن هنا نعرف أنّ مفهوم الإنسان أي ماهيّة الإنسان بما هي هي الجامعة بين الإنسان الواجد لصفة العلم والفاقد لصفة العلم يستحيل أن يكون موجودا في الخارج ، كحصّة ثالثة في عرض الحصّتين السابقتين. فلا يوجد في الخارج إلا حصّتان فقط الواجدة والفاقدة.
وأمّا الجامع بين الواجد والفاقد فيستحيل وجوده في الخارج ؛ لأنّ الجامع لا يتحقّق إلا ضمن الفرد في الخارج ويستحيل وجود الجامع مستقلاّ عن وجود الفرد ؛ إذ لو أمكن وجود الجامع مستقلاّ عن وجود الفرد وفي عرضه لكان جزئيّا ، وهو خلف المفروض.
مضافا إلى أنّ عالم الخارج عالم الاتّصاف المادي ومن المستحيل وجود المجرّدات في الخارج بما هي كذلك ، بل لا بدّ أن توجد في الخارج بما هي متّصفة بآثار الخارج الماديّة.
ولكن إذا تجاوزنا الخارج إلى الذهن وتتبّعنا عالم الذهن في معقولاته الأوّليّة