هذا المعنى على الخارج ؛ لأنّ ما يكون مقيّدا ومحدّدا بما هو أمر ذهني يستحيل أن يوجد إلا في الذهن ؛ لأنّ وجوده في الخارج يعني تجريده عن هذا الحدّ والأمر الذهني وهو خلاف أخذه قيدا فيه.
وهذا اللازم مستحيل فيكون الملزوم باطلا ومستحيلا.
ووجه الاستحالة أنّ المقصود والغرض من إحضار المعنى في الذهن أن يكون حاكيا عن الخارج ؛ لأنّ الصورة الذهنيّة يتوسّط بها للحكم على الخارج ؛ لأنّ الحكم على الصورة الذهنيّة المقيّدة بالذهن يفرغ الحكم عن الهدف والمقصود منه.
وعلى هذا فاسم الجنس لا يدلّ بنفسه على الإطلاق كما لا يدلّ على التقييد ، ويحتاج إفادة كلّ منهما إلى دالّ ، والدالّ على التقييد خاصّ عادة ، وأمّا الدالّ على الإطلاق فهو قرينة عامّة تسمّى بقرينة الحكمة على ما يأتي إن شاء الله تعالى.
والنتيجة : هي أنّ اسم الجنس لا يدلّ إلا على الماهيّة بذاتها القابلة للإطلاق والتقييد لانحفاظها فيهما ، وعليه فيحتاج كلّ من الإطلاق والتقييد إلى دليل يدلّ عليه ؛ لأنّه لا يستفاد من اللفظ إلا الماهيّة فقط.
والدالّ على التقييد يكون عادة وغالبا دليلا خاصّا ؛ لأنّ التقييد أمر وجودي والأمر الوجودي يحتاج إلى علّة وجوديّة ، هذا يعني أنّ الدليل عليه أمر خاصّ وهو وجود لفظ أو قرينة تدلّ على التقييد.
وأمّا الدالّ على الإطلاق فهذا قرينة عامّة كلّيّة تسمّى بقرينة الحكمة ؛ وذلك لأنّ الإطلاق أمر عدمي وهو عدم لحاظ الوصف وعدم لحاظ عدم الوصف ، والعدم يكفي فيه عدم علّة الوجود ، ولذلك يكفي فيه السكوت فلا يحتاج إلى دليل خاصّ ، بل يكفي ألاّ تذكر علّة التقييد.
وسيأتي الكلام مفصّلا حول كيفيّة استفادة الإطلاق بقرينة الحكمة. إن شاء الله تعالى.