التقابل بين الإطلاق والتقييد
عرفنا أنّ الماهيّة عند ملاحظتها من قبل الحاكم أو غيره ، تارة تكون مطلقة ، وأخرى مقيّدة ، وهذان الوصفان متقابلان.
الماهيّة إذا لاحظها الحاكم أو الواضع فتارة يلاحظها مطلقة من جهة القيود ، وأخرى يلاحظها مقيّدة بوصف أو حالة ، فماهيّة الإنسان تارة تلاحظ من دون أخذ قيد فيها ، وأخرى تلاحظ مع وجود قيد فيها.
والإطلاق والتقييد مفهومان متقابلان لا يمكن اجتماعهما في مورد واحد بأن تكون الماهيّة مطلقة ومقيّدة معا.
غير أنّ الأعلام اختلفوا في تشخيص هويّة هذا التقابل. فهناك القول بأنّه من تقابل التضادّ وهو مختار السيّد الأستاذ (١). وقول آخر بأنّه من تقابل العدم والملكة (٢) ، وقول ثالث بأنّه من تقابل التناقض (٣).
اختلفوا في تشخيص نوعيّة التقابل بين التقييد والإطلاق حيث إنّ التقابل على أربعة أنواع ؛ فذكروا ثلاثة أقوال :
١ ـ ما ذهب إليه السيّد الخوئي : من أنّ التقابل بين الإطلاق والتقييد تقابل الضدّين ، أي أنّهما أمران وجوديّان يتعاقبان على موضوع واحد ، لا يجتمعان على موضوع واحد من جهة واحدة في زمن واحد.
٢ ـ ما ذهب إليه المحقّق النائيني : من أنّ التقابل بينهما تقابل الملكة وعدمها ، فهما
__________________
(١) المحاضرات ٢ : ١٧٣ و ١٧٩.
(٢) القائل هو المحقّق النائيني في أجود التقريرات ١ : ١٠٣ و ٥٢٠ وحكاه عن سلطان العلماء في فوائد الأصول ١ : ٥٦٥.
(٣) وهذا ما تبنّاه المؤلّف نفسه كما سيأتي في المتن.