نحو دلالة أدوات العموم
لا شكّ في وجود أدوات تدلّ على العموم بالوضع ككلمة ( كلّ ) و ( جميع ) ونحوهما من الألفاظ الخاصّة بإفادة الاستيعاب ، غير أنّ النقطة الجديرة بالبحث فيها وفي كلّ ما يثبت أنّه من أدوات العموم هي : أنّ إسراء الحكم إلى تمام أفراد مدخول الأداة ـ أي ( عالم ) مثلا في قولنا : ( أكرم كلّ عالم ) ـ هل يتوقّف على إجراء الإطلاق وقرينة الحكمة في المدخول ، أو أنّ دخول أداة العموم على الكلمة يغنيها عن قرينة الحكمة وتتولّى الأداة نفسها دور تلك القرينة؟
لا إشكال في أنّه توجد أدوات موضوعة لغة لإفادة العموم والاستيعاب من قبيل كلمة ( كلّ وجميع وعامّة وكافّة وقاطبة وعموم وأي ومجموع ) ... إلى آخره ) ، وهذا مما لا شكّ فيه ، وليس هو محلّ الكلام فعلا ، وإنّما الجدير بالبحث هنا هو أنّ العموم معناه استيعاب مفهوم لأفراد مفهوم آخر ، وهذا معناه أنّ الحكم يسري ويشمل كلّ الأفراد ابتداء ومن أوّل الأمر.
فإذا قلنا : ( أكرم كلّ عالم ) كانت الأداة دالّة على إرادة كلّ الأفراد من مدخولها الذي هو العالم. والسؤال هنا هو : هل سريان الحكم إلى الأفراد يتوقّف على إجراء الإطلاق وقرينة الحكمة في المدخول ليثبت أنّ الأداة قد دخلت على الطبيعة والماهيّة من دون قيد فتستوعب كلّ أفرادها ، أو أنّ سريان الحكم للأفراد يكفي فيه دخول أداة العموم على المدخول ولا تحتاج إلى إجراء الإطلاق وقرينة الحكمة ، فتكون نفس الأداة تفيد الاستيعاب لكلّ الأفراد بنفسها لغة ووضعا ، فتكون الأداة قد قامت بدور قرينة الحكمة بنفسها واستغنت عنها؟
وجهان بل قولان في المسألة ، ولكلّ وجه منشأ يعتمد عليه ، وهو :