النكرة في سياق النهي أو النفي
ذكر بعض (١) : أنّ وقوع النكرة في سياق النهي أو النفي من أدوات العموم.
ذكر البعض : أنّ وقوع النكرة في سياق النهي كقولنا : ( لا تكرم فاسقا ) ، أو في سياق النفي كقولنا : ( لم أكرم فاسقا ) ، يجعلها دالّة على العموم. فيكون الدالّ على العموم عندهم هو السياق لا النكرة نفسها ؛ لأنّه تقدّم في مباحث اسم الجنس أنّ النكرة تدلّ على الوحدة بسبب التنكير. وعليه ، لا يمكن استفادة العموم والشمول من النكرة ؛ لأنّ العموم يتنافى مع الوحدة المستفادة من تنوين النكرة. ولذلك قال السيّد الشهيد :
وأكبر الظنّ أنّ الباعث على هذه الدعوى أنّ النكرة ـ كما تقدّم في حالات اسم الجنس من الحلقة السابقة (٢) ـ يمتنع إثبات الإطلاق الشمولي لها بقرينة الحكمة ؛ لأنّ مفهومها يأبى عن ذلك.
وعليه ، فيمكن أن يكون السبب الداعي للقول بأنّ السياق هو الدالّ على العموم لا النكرة ، هو أنّ النكرة نفسها لا تقبل الإطلاق الشمولي ، كقولنا : ( أكرم عالما ) فإنّ التنوين دالّ على الوحدة والوحدة لا تنسجم ولا تتناسب مع الشمول والاستيعاب لكلّ فرد فرد من الأفراد ؛ لأنّ الوحدة في الطبيعة يدلّ على فرد واحد من الأفراد على نحو البدل.
وقد تقدّم في الحلقة السابقة الحديث عن حالات اسم الجنس ، وهناك ذكرنا أنّ النكرة المطعمة بحيثيّة التنكير يمتنع الإطلاق الشمولي فيها ، فلا يستفاد منها العموم
__________________
(١) كالمحقّق الخراساني في كفاية الأصول : ٢٥٤.
(٢) في بحث الإطلاق ، تحت عنوان : الحالات المختلفة لاسم الجنس.