بحث كهذا سيضع الاثنين أمام مساءلة لن يجدا مناصا من الإجابة عليها ، ورد ما يمكن رده ، وقبول ما يمكن قبوله والمالكي تناول من قبل أطروحة العودة عن ابن سبأ ص ١٧٥ من كتابه ( نحو انقاذ التاريخ الإسلامي ) بحيث أشار إلى أربع ملاحظات هامة ، ما كان يسع العودة السكوت عليها ، ولا سيما أنه يدعي امتلاك الوثائق التي تحمل المالكي على التراجع عن شيء من رأيه وعن بعض ملاحظاته.
والبحث الذي بين يدي للدكتور العودة يعول فيه على روايات لم تكن عن طريق سيف بن عمر في سبيل اثبات شخصية ابن سبأ.
والهلابي ومن بعده المالكي ، ومن قبلها العسكري ، يقتصرون في إنكار وجود شخصية ابن سبأ على رواية سيف بن عمر المجروح عند المحدثين ، وربما أخذا هذا الموقف التحفظي من منهج أسد رستم حول المصدر الواحد للقضية وكم كنت أتمنى لو ان ( الهلابي والمالكي ) لم يجعلا ضعف سيف بن عمر سبيلا لنسف حقيقة ابن سبأ ، ذلك أن الضعف في الرواي قد لا يحمله على اختلاق الشخصية من العدم ، واختلاق أحداث لها ، وإنما قد يحمله على نسبة أشياء لا تصح نسبتها إليه. وشخصية ابن سبأ مستفيضة في كتب التاريخ ، والعقائد ، وعند علماء التاريخ ، وعلماء الكلام ، وليس أحد من السلف ـ فيما أعلم ـ أثار هذه الإشكالية كإثارة الأخوين ، ولا أرى مبررا لنسف هذه الشخصية من أساسها. وسيف بن عمر ( عمدة في التاريخ ) كما يقول ابن حجر ، مع ان هناك روايات لم تأت عن طريق سيف بن عمر أشار إليها الدكتور العودة ، ويقال عن ( القعقاع ) ما يقال عن ( ابن سبأ ) ، ولا سيما أن القعقاع من عشيرة سيف بن عمر ، وهو أدرى به وبأخباره والمأخذ على سيف ربما يقتصر على تضخيم الدور ،