والتركيز على الشخصية لدافع قبلي أو عقدي لكنني لا أتصور اختلاق شخصيات من الوهم والخيال للتشيع ، إذا ليست الأمة وعلماؤها من الغفلة والذاجة ، بحيث تصنع لها شخصيات وهمية ، وتمرر عليها. أحسب ان ذاكرة الأمة أوعى من هذا الاستغفال وعلماء الحديث الذين كتبوا في الطبقات ، وفي تاريخ الرجال ، ذكروا القعقاع ، ولم يشكوا في ثبوت وجوده ، كشخصية فاعلة في الفتوح والغزوات. وقد نبهني بعض الزملاء إلى أطروحة دكتوراه كتبها طالب عراقي عن القعقاع بين الحقيقة والخيال ، وكم أتمنى الحصول عليها. وعلى ضوء ذلك فان ما يكتبه المالكي تحصيل حاصل ، وتسخين طبيخ. فلا أحسبه يضيف شيئا أكثر من تاكيد ما قيل. يقال هذا فيما سبق إليه ، ولامساس فيما بادر إليه من دراسات قيمة لا يهمنا الحديث عنها الآن.
وبصرف النظر عن كل ما سبق ، فانه يجب علينا في حالة الدخول في مثل هذه المضائق الحساسة ان نتجرد من الهوى ، وان نتوفر على المعلومات وان نتملك آليات الاجتهاد ، وأن نتحرى الدقة ، وأن نستخدم كل مانملك من إمكانات ، وان نكون واثقين من أنفسنا ، مستقبلين لكل اعتراض بصدر رحب ، فيما يتعلق بقضايا مثل هذه القضايا ، ولا سيما إذا كانت تلك القضايا قد سبق إلى التشكيك فيها مستشرقون مشبوهون ، وأصحاب ملل مستفيدون من هذا التشكيك. وعلى الذين يهزون الثوابت ويحملوننا على إعادة ترتيب معلوماتنا ، ان يستمعوا لنا بأدب جم ، وأن يحاورونا باحترام ، وان يتلطفوا بازالة الشك ، والارتياب ، بعلمية مهذبة ، وان لم يفعلوا فما بلغوا رسالتهم ، وفق أصول البحث العلمي وفي المقابل علينا ان نحسن الظن بمن لم يبد عواره ، ولم يثبت ارتيابه ، ولن نتحامى الحكم على النوايا فلا يحصل ما في الصدور إلا الله ، ولا يبلو السرائر