هذا الحد ، ولا أعتقد ان انسانا لديه ذرة من عقل يوافقه على أن كلام سيف الموجود في تاريخ الطبري ككلام الشياطين الموجود في القرآن الكريم وفي تاريخ الطبري أيضاً.
فلا بأس ـ ما دام الأمر يخفى عليه ـ بايضاح هذه المسألة ، راجياً ممن يجد في قولي هذا غلطاً أن يتفضل مشكوراً ببيان الصواب فإن نقل العلماء الأثبات ، أو حتى أهل الصدق من عامة الناس ، للروايات والأخبار وسكوتهم عن تمريضها ، يدل على اقتناعهم بصحتها ، بصرف النظر عن صحتها في ذاتها وسواء أكان ذلك بأسانيد فالطبري مثلا حين يسوق أخبار الفتوح او الفتنة نقلا عن سيف ، فإنه إنما يكتب ما اطمأنت إليه نفسه على وجه الاجمال ، ولقد كانت المصادر وفيرة بين يديه فاختاره لهذا السبب فهذا النقل يحمل معنى التوثيق ، أي الشهادة الضمنية لهذه الأخبار بالصحة.
وإذا كان الطبري يطمئن إلى رواياته بحيث ينقل عنه ثمانمائة رواية كما احصى الأستاذ مشكورا ، فهذا دليل لا يدحض على أنه يراه عمدة في التاريخ ، وهذا بيت القصيد.
ولا يعقل أن يعتقد أنه كذب وضاع وان هذه الأخبار والأسماء مختلقة ، وان كلامه من نوع كلام الشياطين والكفار والمنافقين ، فينقله ويسكت عليه ، ولو فعل ذلك لكان مفرطاً غاشاً للأمة ، وهو ما صنف كتابه إلا لتدوين التاريخ الصحيح على ما وصل إليه علمه واجتهاده وشعوره بالمسؤولية. وهو يعد من أعظم علماء الإسلام وفقهاء الأمة ومؤرخيها.
ولا ينبغي الخلط بين هذا المعني وبين الصحة الأخبار في ذاتها وقاعدة أن العهدة على الرواي ، فإن الطبري لا يجعل نفسه مسؤولا عن صحتها ، وإنما