أوردها لانه يغلب على ظنه أنها صحيحة ومثله أنك إذا استشهدت ببيت من شعر احمد شوقي مثلاً وأو ضحت مكانه في الديوان ، فلأنك تعتقد بأنه من شعره ، ولكنك لا تضمن ذلك ولا تسأل عنه ، فإن تبين انه مدسوس على الديوان فالعهدة على ناشر الديوان ، ويترتب على ذلك أن كثيرا من فحول العلماء في جميع العصور ـ ولا سيما القريبين من عصر سيف ـ كانوا يعتقدون بصحة رواياته التاريخية على وجه اللاجمال ، كما كانوا يعتقدون ان كلام ابن الكلبي في الأنساب صحيح على وجه الإجمال ، لا من باب التسليم الأعمى ، بل لأنه لم يظهر لهم ما يدعوا إلى الارتياب.
الإعراض عن الطبري
(١٦) وأرى البحث يتكامل إلاّ ببحث حال الإمام محمد بن جرير الطبري ـ رحمه الله ـ بحثا صريحاً ، لأن روايات سيف ما كانت لتبلغ هذا المبلغ لو لا تفضيله إياها على غيرها من تاريخه الذي أصبح أهم كتب التاريخ. فلا بد من ايضاح السبب الحادي به إلى الاعتماد على مصنع الأكاذيب هذا.
ولم أر لدى الأستاذ المالكي عناية ببحث حاله وبسبب غشه للأمة بهذه الأباطيل الهاذلة ، ولا سيما أنه يراها أكاذيب مكشوفة ليس من الصعب اكتشافها حتى على المستشرقين والمبتدعة ، بل وجدت لديه مراوغة عن بحث هذا الأمر ( كتاب الرياض ، ص ٥٣ ) ، بل إنه ليعتبر الطبري ممن ضعف سيف بن عمر في التاريخ ( كتاب الرياض ، ص ٥٣ ) ، وهذا من العجائب ولكن الإشكال باق على حاله ، فإذا كان سيف من أعظم الوضاعين فلابد أن يكون الطبري من أعظم المغفلين أو من أعظم الغشاشين ، لا محالة ، فلماذا أعرض عن تجريحه كما فعل مع