الحدود والفواصل ولا يختلط الحابل بالنابل ، وليكون له الغُنم وعليه الغُرم.
فمما يدل على ضعف حجة المالكي واندفاعه للبحث عن الشبهات والأدلة انه يدعي ، بالتلميح القريب من التصريح ، أن القدماء سبقوه إلى اتهام سيف باختلاق الأشخاص والوقائع ، فيقول مثلا ( تلك الشخصيات والمعارك والأشعار والبلدان التي انفرد بها سيف لم يعرفها احد غيره ، لا في عصره ولا عرفها من سبقه. ولذلك لم يعول احد على كتابه الا بعد موته بنحو مائة سنة ) ومعنى كلمة « ولذلك » ترتيب آخر الكلام على أوله ، فأهل تلك المائة سنة ـ في زعمه ـ أعرضوا عن كتاب سيف لهذا السبب ، أي أنهم أدركوا أنها مخترعات فتركوها « لذلك ». وهذه الدعوى لا دليل عليها ، وليس بين يديه نص يدل على ان القدماء اعرضوا عنه بسبب تهمة الاختراع ، ولا انهم كانوا يتهمونه بهذه التهمة ، فكيف يقول « لذلك » والقارئ غير المتخصص يدرك كثرة الأسباب الممكنة ، فلا بد من دليل مقنع على تخصيص ذلك السبب بعينه. فهذا من إرسال الكلام على عواهنه.
ثم قال مؤكدا ومكرراً نفس الدعوى بعبارة أقوى ( أنا هنا أقرر ما اجمع المؤرخون قبل سيف على اهماله وعدم ذكره ، مما يعد إجماعاً على أن الأمر مختلق من سيف ) فلم يقف عند دعوى الاجماع على اهمال القعقاع ، بل زعم انهم أجمعوا على انه اسطورة ، وانه فقط « يقرر » ما قالوه وأجمعوا عليه وهذا فهم غريب لمعنى الاجماع ، وتقول على العلماء بغير برهان. ومن الغريب في باب الاستدلال المنطقي أن يكون المؤرخون الذين عاشوا قبل عصر سيف قد اجمعوا على ان الأسماء والوقائع التي سيرويها عندما يولد في المستقبل هي أمور مختلقة منه. ويكرر نفس المعنى مرة ثالثة فيقول ( ومترجمو الصحابة المتقدمين لم يذكروا