القعقاع ، لا في الصحابة ولا في التابعين ، مما يعني انه عندهم مختلق ).
وإعاد نفس الدعوى تلميحاً في قوله عن ابن أبي حاتم ( فقد نفى ابن أبي حاتم صحبته ورد على سيف زعمه بأن القعقاع شهد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم !! ) كأن هذا الكلام يفيد في اتهامه باختلاق القعقاع وأعادها مرة خامسة في قوله الذي مضت الإشارة اليه عن الحافظ بن حجر ، وحاصله انه سبق إلى مبدأ التشكيك في صحبة كثير من الصحابة ، وانه لو عاش في عصرنا لوقف ضده نفس الخصوم يتهمونه بالطعن في السابقين والوقوف مع المستشرقين والمبتدعة فهذه خمسة مواضع في المقالة الأولى وحدها تتضمن الادعاء شبه الصريح بأن القدماء كانوا يتفقون معه على هذه الأمور ، وسمى هذه الدعوى « أكثرية القرون الفاضلة ». والرغبة ههنا واضحة في توفير الغطاء المناسب لهذه الآراء ونحن لانتهم المالكي ـ ولا العسكرى من قبله ـ بضعف الاطلاع ، ولا شك أنهما قد بذلا غاية الجهد لإثبات التهمة. فلما رأى المالكي انه قد رجع بخفي حنين لم يجد أمامه إلا هذه العبارات الغامضة التي قد لا يدرك حقيقتها كثير من القرّاء ولو عثر على دليل لوجدناه يكرره بضع مرات في كل مقالة ، ولو عثر عليه لشددنا على يديه وشكرناه على إيقاظنا من الغفلة التي كنا فيها.
ولقد قال مراراً عن اساتذه التاريخ في جامعاتنا انهم يضحكون على أنفسهم وعلى زملائهم وعلى الناس ، فماذا يكون قوله عن القدماء ( مما يعني أنه عندهم مختلق ) إذا لم يكن تلاعباً بالألفاظ واستغفالاً للقرّاء والغريب ان العسكري كان أصدق منه إذ قال : ( وإذا بي أهتدي إلى حقيقة كان التاريخ قد نسيها فانطوت في اثنائه وضاعت في تياراته ) ، فلم يزعم انها كانت موضع اجماع القدماء ، ربما لانه ليس بحاجة إلى هذا الإجماع.