ومعلوم ان نصر بن مزاحم من مؤرخي الشيعة البارزين ، وكتابه في وقعة صفين متداول بأيدي الناس ، ومع ذلك ياخذ عن سيف ويأخذ عن الناس روايات سيف ، فهل لم يدرك انه ناصبي كذاب على آل البيت ، وانه يخترع الأساطير والأسانيد والأسماء والوقائع والبلدان لنصرة بني أمية كما قال أخونا المالكي : أيهما نصدق أولئك المعاصرين ومن بعدهم ، الذين أخذوا برواياته في التاريخ ، أم الوسواس الذي خطر.
شهرة القعقاع
(٢٧) لا ينبغي أن ننسى أن جميع كتب التاريخ الأولى قد ضاعت إلا أقل القليل ، ومن يقرأ أسماءها في فهرست ابن النديم يدرك ذلك فليس من الممكن أن نجزم بأن اسم القعقاع لم يوجد إلا في كتاب سيف.
ومع ذلك ليس من الصعب تفسير هذا الأمر فلقد كانت تلك الكتب ذات نطاق محدود بأخبار رجل أو قبيلة أو ناحية ، وكان الرواة في عصر بني أمية يروون عن قومهم ورجال قبائلهم ما شهدوه من أحداث وما يدور في مجتمعهم من حكايات ، إلى جانب الرغبة المعتادة عند البعض في ابراز أمجاد القبيلة أو الاقليم. فدخلت هذه الروايات في الكتب الأولى من غير استيعاب بقية الأقوال ، وصار يوجد في الكتاب الواحد الأسماء والأخبار والأشعار التي تقل أو تنعدم في الكتب الأخرى. ثم ظهرت التواريخ الشاملة في القرن الثالث ، وهي تقوم في الغالب على اختيار رواية واحدة أو بضع روايات جديرة بالقبول وترك ما عداها.
ولقد غفل الاستاذ عن مسألة كان ينبغي أن لا تخفى عليه ، وليس من