والهروب من النقطة الجوهرية في الخلاف ، والتشبث بأمور جانبية يشغل بها القارئ ولا يخرج منها برأي محدد ، ومن أبرز الأمثلة على ذلك ـ وفي مقاله الأخير فقط ـ أطال الكلام على المرويات الثمان وفقدها وأنكر أسناد البعض منها واعترف بصحة اسناد بعضها ، وطرح فيها قضايا للنقاش لأول مرة وأضاف إليه مرويات جديدة ـ وكل هذه القضايا قابلة للنقاش ـ ولكن المراوغة تكمن في هروبه من أصل القضية ، فلم تستوقفه قضية كونها جاءت من غير طريق سيف وهذا ما قطع بخلافه وهي محور الخلاف كما سبق البيان.
وحين يقول في الملاحظة السابعة ـ من هذا المقال ـ ما نصه « إذا كان د. سليمان لا يعرف إلا ثماني روايات فيها ذكر لابن سبأ من غير طريق سيف فغيره قد يعرفها وزيادة ، وليست موطن النزاع كما سيأتي .. » ويقول في كتاب الرياض ص ٢٦٠ ما نصه : « مع أن سيفا قد انفرد برواية أخبار ابن سبأ » أمكن رصد المراوغة بما يلى :
١ ـ أليس موطن النزاع عدم ورود أي مرويات من غير طريق سيف ـ حسب زعمه ـ فكيف ينتكر لموطن النزاع ؟
٢ ـ وإذا كان لديه علم مسبق بهذه المرويات التي لا تنتهي إلى سيف فكيف قطع بخلافها ولماذا لم يذكرها من قبل ؟
٣ ـ هل تجدونه عرج على مقولته السابقة في كتاب الرياض واعترف بخطئة فيها ولا يمنع بعد ذلك أن يبدأ النقاش في هذه المرويات.
وإذا كان هذا نموذجاً ، فثمة نموذج آخر ، قد يكون فات على كثير من القرّاء لكنه لا يفوت على المالكي بكل تأكيد ، وهو يؤكد المراوغة ، والحيدة عن الإجابة على الأسئلة المطروحة.