وذلك : لأن التعليق لا يرد على نفس الإبراز والاعتبار لأنه فعلي ، وانما يرد على المعتبر وهو كون الفعل في عهدة المكلف. ومن الواضح أن هذا من المفاهيم التركيبية الحرفية ، لأنه مدلول هيئة الإضافة ، فيأتي الكلام في صحة تعليقه وتقييده بالشرط.
والتحقيق في رفع هذا الإشكال ان يقال :
ان الاخبار والإنشاء ـ كما مرّ سابقا (١) ـ خارجان عن مدلول الجملة الخبرية والإنشائية ، وانما هما أمران نفسيان قصديان ، والجملة لا تدل إلا على النسبة بين الموضوع والمحمول لا أكثر. وهذه النسبة تارة تكون متعلقة للاخبار ، كما إذا قصد الحكاية عن ثبوتها. وأخرى متعلقة للإنشاء كما إذا قصد تحققها. وقد استشهدنا على ذلك بان من الجمل الخبرية ما لا يسمى اخبارا قطعا ، كما إذا قال : « علمت ان زيدا قائم » ، فان : « زيدا قائم » جملة خبرية ذات موضوع ومحمول ، مع انها لا تسمى خبرا ، إذ ليس القصد الحكاية عن تحقق مضمونها ، بل القصد الحكاية عن تحقق العلم بتحقق مضمونها فالجملة الخبرية الاسمية لا تدل إلا على النسبة الاتحادية بين الموضوع والمحمول ، بمعنى ان الموضوع والمحمول أمر واحد ، والاخبار ليس جزء مدلولها ، وانما يطرأ عليها ، وهو عبارة عن قصد الحكاية عن ثبوت هذه النسبة أو لا ثبوتها. ومن هنا يعلم ان ثبوت النسبة أو لا ثبوتها خارجان عن مدلول الجملة أيضا ، فلا دلالة لها على الثبوت وعدمه ، بل هي انما تدل على خصوص النسبة. اما ثبوتها فيعلم من دال آخر وهو القرينة العامة عند عدم أداة النفي ، وعدم ثبوتها يعلم من أداة النفي كليس ولا ونحوهما. فكل من الاخبار والثبوت خارجان عن مدلول الهيئة وليس مدلولها سوى النسبة. وهكذا الحال في الإنشاء ، فانه عبارة
__________________
(١) راجع ١ ـ ١٤٨ من هذا الكتاب.