وكل منهما ملزمة. نعم لو كان مفاد الأمارة كون الواجب الواقعي هو الجمعة كان للاجزاء وجه لانقلاب مصلحة الواقع من الظهر إلى الجمعة ، ولكنه خلاف الفرض ، لأنه من مورد قيام الأمارة على المتعلق وان الواجب هذا ، لا على أصل الحكم وان هذا واجب من دون تعرض لإثبات ونفي غيره.
وبالجملة : مع قيام الأمارة على أصل الحكم يكون كل من الواقع ومؤدى الأمارة واجبا واقعيا ذا مصلحة في متعلقه ولا يجزي أحدهما عن الآخر ، إلاّ ان يدل دليل خارجي على عدم وجوب عملين واقعيين من سنخ واحد كصلاتين في وقت واحد ، فانه كلام آخر غير مقتضي القاعدة.
ومحصل الفرق : ان الأمارة القائمة على المتعلق أو الموضوع بما ان لها نظرا إلى الواقع الثابت المتقرر ، فهي تقلبه عما كان عليه وتجعل المصلحة الباعثة نحوه في مؤداها ، فيسقط بالإتيان بمؤداها. واما القائمة على الحكم ، فغاية ما تثبته تحقيق مؤداها واقعا لصيرورته بها ذا مصلحة ، واما الواقع الثابت فلا تقبله عما هو عليه من المصلحة لعدم نظرها إليه أصلا.
واما بناء على الوجه الثاني ، فلا يفترق الحال بين الأمارة القائمة على الحكم وغيرها في الاجزاء مطلقا ، إذ بقيام الأمارة على الحكم أو غيره لا بد ان يكون فيه مصلحة تسدّ عن مصلحة الواقع وتفي به ، وهذا ملازم للاجزاء لاستيفاء مصلحة الواقع بما هو مؤدى الأمارة ، لأن المصلحة الثابتة فيه قد لوحظ فيها تدارك مصلحة الواقع مطلقا ، وهو يقتضي الاجزاء.
الجهة الثالثة : فيما ذكره عند الشك في كون حجية الأمارات بنحو الطريقية أو بنحو السببية ، من ان القاعدة تقتضي عدم الإجزاء ولزوم الإعادة في الوقت للعلم باشتغال ذمته بما يشك في فراغها منه بما أتى به بضميمة أصالة عدم الإتيان بما يسقط معه التكليف ، ولا يعارض هذا الأصل استصحاب عدم