فعلية التكليف ، لأنه لا يثبت مسقطية ما أتى به إلاّ بنحو الأصل المثبت (١).
فان هذا الكلام لا يخلو عن إجمال وغموض ، ولا بد في توضيحه من الإشارة إلى مواضع الغموض والتساؤل. فنقول : ما المراد من العلم باشتغال الذّمّة وثبوت التكليف؟ هل العلم التفصيليّ بثبوت التكليف الواقعي بعد كشف الخلاف ، أو المراد العلم الإجمالي؟.
فان كان المراد من العلم العلم التفصيليّ ، ففيه : ان مجرد العلم التفصيليّ بثبوت التكليف لا يكفي في لزوم إفراغ الذّمّة ما لم يعلم فعلية ذلك التكليف الثابت ، وهي غير معلومة ، لأن حجية الأمارة إذا كانت بنحو الطريقية كان التكليف فعليا ، وإذا كانت بنحو السببية لا يكون التكليف الواقعي فعليا ، بل التكليف الفعلي على طبق مؤدى الأمارة ، وقد أتى به دون الواقع ، وبذلك يحصل له الشك في ثبوت التكليف الواقعي وأصل البراءة ينفيه. ولو تنزلنا وقلنا : بكون التكليف الواقعي المعلوم فعليا ، كان ذلك بنفسه موجبا للزوم امتثاله جزما بحكم العقل ، لعدم الإتيان بمتعلقه ، فإجراء أصالة عدم الإتيان بما يسقط معه التكليف وضمنه إليه لم يعرف وجهه الصناعي.
وان كان المراد به العلم الإجمالي ، فإما ان يراد به العلم الإجمالي في مرحلة الحدوث ، فيقال : انه يعلم قبل العمل وبعد قيام الأمارة بثبوت تكليف فعلي عليه اما على طبق مؤدى الأمارة ـ لو كانت حجيتها بنحو السببية ـ ، أو بالواقع ـ لو كانت حجيتها بنحو الطريقية ـ. واما ان يراد به العلم الإجمالي في مرحلة البقاء ، فيقال : انه يعلم بعد العمل وانكشاف الخلاف بأنه مكلف بالواقع المنكشف فعلا أو بمؤدى الأمارة الّذي جاء به.
فان أريد به العلم الإجمالي في مرحلة الحدوث ، الّذي يقتضي بدوا الإتيان
__________________
(١) الخراسانيّ المحقق الشيخ محمد كاظم. كفاية الأصول ـ ٨٧ ـ طبعة مؤسسة آل البيت عليهمالسلام.