أو الاستحبابي ـ أو لا يلتزم بذلك. فعلى الأول تكون امتثالا آخرا لأمر آخر فلا معنى لاختيار إحداهما ، إذ كل منهما مأمور به وقد وقعت امتثالا لأمرها فيستحق العبد ثوابين. وان لم يلتزم بوجود امر آخر متعلق بها ، فيشكل الإتيان بها مع عدم الأمر بها وسقوط الأمر الأول وعدم جواز تبديل الامتثال.
والتخلص من هذا الإشكال : بان اختيار أحبهما إليه انما هو راجع إلى مقام الثواب الّذي هو تفضل منه سبحانه ، أجنبي بالمرة عن مفاد الإشكال كما لا يخفى بأدنى تأمل.
وقد التزم المحقق الأصفهاني بتعدد الأمر ، ووجّه وحدة الثواب باختيار أحبهما بوجهين :
الأول : ان الثواب حيث انه من توابع القرب فإذا اجتمع مؤثران في القرب وكان تأثير أحدهما أكثر من الآخر ، كانا مشتركين في القدر المشترك بمعنى انه لا يحسب لكل منهما القدر المشترك بينهما ، بل القدر المشترك يجعل لهما كليهما ويضاف إليه الزائد الّذي يؤثر فيه أحدهما خاصة وهو معنى اختيار أحبهما.
الثاني : ان اجتماع المثلين في شيء واحد ممتنع كاجتماع الضدين ، فإذا كان هناك مؤثران في القرب لم يؤثر كل منهما على حدة ، لاستلزامه اجتماع فردين من القرب وهو من اجتماع المثلين ، بل المؤثر أحدهما فيمكن ان يختار الله في مقام التأثير ما هو الأكثر تأثيرا (١).
ولا يخفى عليك ان كلا الوجهين مخدوشان :
اما الأول : فدعوى اتحاد المؤثرين في القدر المشترك دعوى بلا دليل ، فان العقل يحكم باستحقاق الثواب ـ بأي معنى كان الثواب بفعل ما يوجبه ،
__________________
(١) الأصفهاني المحقق الشيخ محمد حسين. نهاية الدراية ١ ـ ١٤٨ ـ الطبعة الأولى.