بالعمل ، إذ الأمر الغيري متعلق بالوضوء بلحاظ العنوان المتعنون به ، فيكون العنوان بذلك مقصودا إجمالا ، ويكون قصد امتثال الأمر الغيري طريقا إلى قصد العنوان القصدي.
وبالجملة : التقرب والعبادية الحاصلة بالوضوء ناشئة من رجحانه الذاتي بلحاظ العنوان المنطبق عليه ، وليست ناشئة من قصد الأمر الغيري.
ومن هنا يظهر ان استحقاق الثواب ليس من جهة قصد الأمر ، كي يقال بان الأمر الغيري مما لا يستحق على موافقته المثوبة ، بل من جهة رجحانه الذاتي ولكونه في نفسه عبادة.
هذا توضيح ما أفاده الشيخ من الإشكال ، والوجه الأول من الجواب.
ومنه تعرف ما في الكفاية من المسامحات وذلك بأمور ثلاثة :
الأول : ذكره هذا الوجه جوابا عما قرّره من الإشكال في الطهارات الثلاث ، ببيان انه قد أجيب به عنه ، وما قرّره من الإشكال يختلف عما ـ قرّره الشيخ من إشكال الدور ـ كما ستعرفه إن شاء الله تعالى ـ ، فالجواب المذكور لم يذكر جوابا عن إشكال صاحب الكفاية ، بل ذكر جوابا عن إشكال الدور الّذي ذكره الشيخ.
الثاني : ذكر الجواب بنحو ناقص ، فانه لم يذكر فيه كون العنوان الّذي يتعنون به الوضوء من العناوين الراجحة في ذاتها الّذي صرح به الشيخ ، بل غاية ما جاء في الكفاية انه من العناوين القصدية ، فتقصد إجمالا بقصد امتثال الأمر الغيري. وهذا التصرف تصرف مخل بالمقصود كما سيتضح.
الثالث : الإيراد عليه بأنه لا يفي بردّ إشكال ترتب المثوبة على الوضوء. ووضوح هذه المسامحة مما لا يخفى على من لاحظ جواب الشيخ ، فانه كيف لا يفي برد الإشكال المزبور؟ مع فرض أنه راجح في ذاته ، فتكون المثوبة على رجحانه ذاتا لا على امتثال الأمر الغيري ، وقد أشار الشيخ رحمهالله إلى هذا