تقع في طريق الوصول إليه فيؤتى بها بقصد التوصل من جهتها ولو لم يتحقق التوصل الفعلي ، لإمكان توقف الواجب على مقدمات أخرى. فمثلا لو وجب الكون في الكوفة ، فكل خطوة في المشي مقدمة يمكن قصد التوصل بها إلى الواجب ، ومن الواضح انه لا يتحقق التوصل الفعلي إلا بآخر خطوة ، فان ما قبلها من الخطوات من قبيل المعدّ.
وبالجملة : المراد هو إيجاد القدرة على الواجب من جهة هذه المقدمة ورفع المانع من قبلها ، بحيث لو انضمت سائر المقدمات تحقق الواجب فعلا ، فالمراد من التوصل التوصل التقديري.
إذا اتضح هذا فنقول : ان المقدمة وان كان العمل العبادي إلا ان ذات العمل أيضا مقدمة باعتبار انه جزء المقدمة. وعليه فيمكن ان يقصد التوصل بذات العمل بلحاظ إيجاد القدرة على الواجب من جهته فقط ، لا القدرة الفعلية ـ كي يقال بتوقفها على العبادية فيمتنع حينئذ قصد التوصل ـ وتحقق العبادية بذلك فيوجد الجزء الآخر من المقدمة ، فقصد التوصل لا يتوقف على العبادية فتحقق العبادية به لا يستلزم الدور.
فالعمدة في الإيراد على الوجه المزبور ما ذكرناه.
والّذي ينتج من مجموع ما تقدم : ان جميع الوجوه المتقدمة غير خالية عن الإشكال سوى الوجه الّذي ذكره صاحب الكفاية الّذي يرجع إلى استحباب الطهارات ذاتا وفي أنفسها. ومن الواضح انه يستطيع بنفس هذا الوجه إثبات استحباب الطهارات الثلاث النفسيّ من دون حاجة إلى البحث عن الدليل الخاصّ على ذلك ، وذلك لأن إذا قام الإجماع على لزوم الإتيان بها على نحو عبادي ـ كما هو المفروض ـ ولم يكن وجه مصحح لعباديتها سوى الالتزام بالأمر النفسيّ كشف ذلك عن تعلق الأمر النفسيّ بها ، فانه ملازم لتعلق الأمر الوجوبيّ بالواجب المقيد بها ، لعدم التمكن منه بدون تعلق الأمر النفسيّ بها ، كي يستطاع