الوجوب يطرأ على ذات العمل المقدمي لا على المقدمة بما هي كذلك ، فان الآمر الّذي يأمر بالمقدمة يرى انه يأمر بذات العمل كالدخول إلى السوق من دون ان يأخذ عنوان المقدمية في متعلق الأمر. فلاحظ.
كما يرد على كل من المحققين : انه لو سلمنا أصل الكبرى وانطباقها على ما نحن فيه ، فلا يلزم مع ذلك قصد التوصل بالمقدمة ـ كما هو ظاهر كلاميهما كما لا يخفى ـ. بيان ذلك : ان القصد يطلق ويراد به ..
تارة : ما يساوق الداعي والمحرك ، كما يقول من يأكل : « قصدي من الأكل الشبع » فان القصد هاهنا بمعنى الداعي.
وأخرى : يراد به إرادة العمل واختياره ووقوعه عن التفات في مقابل وقوعه عن غفلة ، كسائر الأفعال الاختيارية.
وافتراق المعنيين خارجا واضح ، فمثلا لو رمى شخص سهما وعلم بأنه يصيب شخصا فيقتله ، وكان رميه بداعي تجربة السهم. فانه من الواضح ان قتل الشخص واصابته يكون مقصودا للرامي ومرادا له ، لكنه ليس الداعي إلى الرمي ، بل داعيه هو تجربة السهم.
ولا يخفى ان المطلوب فيما نحن فيه هو القصد بمعنى الداعي ، يعني كون الداعي إلى الإتيان بالمقدمة هو التوصل إلى ذيها.
والوجه المذكور لا يفي بلزوم ذلك ، إذ غاية ما يتكفل ـ بعد الاعتراف بان المأمور به المقدمة بما هي مقدمة ـ هو الإتيان بها بما هي كذلك عن اختيار ، لأنها هي الحصة المأمور بها.
ومن الواضح ان هذا المعنى يتحقق بمجرد الالتفات إلى المقدمية والتوصل بالعمل إلى الواجب ، ولو كان الإتيان بالعمل لداع آخر غير التوصل ، فيصدق قصد التوصل بمعنى إرادته وإرادة الإتيان بما هو مقدمة ، وان لم يكن الإتيان بداع التوصل.