والتداخل انما يكون فيما لو كان كل من الحكمين واردا على موضوع واحد ، فيندك أحدهما بالآخر أو الضعيف بالقوي ، لأن في بقائهما بحديهما اجتماعا للمثلين أو الضدين في شيء واحد. اما لو اختلف موضوع كل من الحكمين فلا يتداخلان ، لعدم المحذور في بقائهما بحديهما.
وعليه ، فحيث ان متعلق الطلب الاستحبابي والطلب الضمني النفسيّ ذات الوضوء ، كانا واردين على موضوع واحد ، فيندك الاستحباب في الوجوب قهرا. اما الطلب الغيري ، فحيث ان موضوعه ليس ذات الوضوء ، بل موضوعه العمل المأتي به بقصد الأمر الاستحبابي أو الضمني ، كان في طول الأمر الأول ويتعدد موضوعهما فلا يتداخلان نظير الأمر المقدمي بصلاة الظهر المترشح من الأمر بصلاة العصر ، فانه في طول الأمر النفسيّ المتعلق بصلاة الظهر ، فلا يتبدل أحدهما بالآخر.
هذا ملخص ما أفاده (١) وينبغي التنبيه على موارد الكلام والبحث في ما أفاده من دون تحقيق الحال فيه ، بل نوكله إلى مجال آخر ، وهي جهات ثلاث :
الأولى : التعبير باندكاك الاستحباب في الوجوب الضمني ، فانه قد يكون مثار الإشكال على مبنى المحقق النائيني ، من انه لا فرق بين الوجوب والاستحباب من جهة واقع الطلب ، وكون الطلب الوجوبيّ والاستحبابي بحدّ واحد والاختلاف من ناحية أخرى ، وذلك لأن الاندكاك ظاهر في أضعفية المندك في المندك فيه ، وأقوائية الثاني من الأول ، بحيث يتغلب عليه فلا بد من معرفة صحة هذا المعنى من بطلانه.
الثانية : ما أفاده من كون الشرط موردا لأوامر ثلاثة أحدها الأمر الضمني المنحل من الأمر النفسيّ بالمشروط ، فقد أشرنا إلى الخدشة فيه ، وسيأتي
__________________
(١) المحقق الخوئي السيد أبو القاسم. أجود التقريرات ١ ـ ١٧٧ ـ الطبعة الأولى.