وثالثا : ان تكون ذات المقدمة مقدمة للمقدمة وهو يستلزم الخلف أو التسلسل.
اما لزوم كونه مقدمة للمقدمة الواجبة : فلان المقدمة الواجبة على الفرض هي الذات بقيد الإيصال ، فكل من الذات والتقيد بالإيصال جزء المقدمة ، وجزء الشيء مقدمة له لتوقفه عليه ، فذات المقدمة مقدمة للمقدمة الموصلة.
واما لزوم الخلف أو التسلسل : فلأنه إذا كانت ذات المقدمة مقدمة للمقدمة وللواجب الغيري ، ترشح عليها الوجوب قهرا. وحينئذ نقول : ان الوجوب الآخر اما ان يتعلق بذات المقدمة من دون اعتبار الإيصال ، فهو خلف المدعى من اعتبار قيد الإيصال في الواجب الغيري وكرّ على ما فرّ منه ، واما ان يتعلق بالمقدمة الموصلة ، فهو يستلزم ان تكون ذات المقدمة مقدمة للمقدمة الموصلة إلى المقدمة الموصلة ، فيترشح عليها الوجوب الغيري ، وحينئذ اما ان يتعلق بها بذاتها فقط وهو خلف. أو بقيد الإيصال فيلزم ان تكون ذاتها مقدمة وهكذا يستمر هذا الكلام في الذات إلى غير نهاية.
والإنصاف ان هذه المحاذير الثلاثة غير تامة :
اما الأول : فلان قيد الإيصال لم يؤخذ مقوما للمقدمية ، وانما أخذ مقوما للواجب الغيري ، اما المقدمة فهي ذات العمل ، وعليه فلا دور ، لأن ما يتوقف على الواجب النفسيّ هو الواجب الغيري بما هو كذلك لا المقدمة ، وما يتوقف عليه الواجب النفسيّ هو ذات العمل بلا حيثية وجوبه الغيري.
واما الثاني : فلان الوجوب المترشح من قبل الواجب الغيري على الواجب النفسيّ غير الوجوب الّذي يترشح منه الوجوب الغيري ، فان ما يترشح منه الوجوب الغيري هو الوجوب النفسيّ المتعلق بذي المقدمة. وأما ما يترشح من الواجب الغيري فهو وجوب غيري ، وهو غير الوجوب النفسيّ فلا دور. غاية الأمر أنه يلزم أن يترشح من قبل الوجوب النفسيّ وجوب غيري