موضوعه ، فحكمه بوجوب الإطاعة لا يتعلق بغير القادر.
وعلى هذا ، فلا يمتنع تعلق التكليف بالجامع بين المقدور وغيره ، لأن حقيقة التكليف لا تتنافى مع عدم القدرة ، بل تعلق التكليف بالجامع ضروري ، لأن التقييد إذا كان ممتنعا كان الإطلاق ضروريا ، لأن التقابل بينهما تقابل السلب والإيجاب ـ لا تقابل العدم والملكة ـ ، فإذا امتنع أحدهما وجب الآخر.
وتوهم : ان تعلق التكليف بالجامع بحيث يسري إلى غير المقدور يستلزم اللغوية ، لأن المفروض ان حكم العقل بلزوم الإطاعة قد أخذ في موضوعه القدرة ، فلا فرق في لغوية التكليف بين تعلقه بغير المقدور منفردا أو في ضمن الجامع.
يندفع : بأنه يكفي في رفع لغوية تعلق التكليف بالجامع صحة الإتيان بالفرد المزاحم بداعي الأمر لو بنى على عصيان الأمر بالأهم ولولاه لما صح ، وهذا المقدار من الأثر رافع للغوية ومصحح للعمل (١).
ويتخلص مما أفاده أمور :
الأول : كون التكليف عبارة عن جعل الفعل في عهدة المكلف والانتهاء إلى هذا الرّأي بواسطة نفي كون الإنشاء عبارة عن إيجاد المعنى باللفظ.
الثاني : ان القدرة ليست شرطا للتكليف ، وانما هي شرط لمنجزيته أو بعبارة أخرى : شرط لحكم العقل بلزوم الإطاعة.
الثالث : ان امتناع التقييد يستلزم ضرورة الإطلاق.
الرابع : ارتفاع اللغوية بقصد الأمر بالفرد المزاحم.
ولنا في جميع هذه الأمور كلام ومؤاخذات :
اما الأمر الأول : فالكلام الّذي لنا فيه ليس في بيان حقيقة التكليف وانها
__________________
(١) الفياض محمد إسحاق. محاضرات في أصول الفقه ٣ ـ ٦٦ ـ الطبعة الأولى.