الرابع : إذا كانت دار في يد عمرو وقامت بينة على انها لزيد. وأقر زيد بأنها ليست له ، فان البينة تسقط في مدلولها المطابقي لمعارضته للإقرار وهو مقدم عليها ، ولا يلتزم أحد بمدلولها الالتزامي وهو عدم كون الدار لعمرو مع انه لا يعارض الإقرار.
واما الحل : فبتقريبين :
أحدهما : ان الدلالة الالتزامية ترتكز على أمرين : الأول : ثبوت الملزوم. والثاني : ثبوت الملازمة بينه وبين اللاّزم ، فمع انتفاء أحدهما تنتفي الدلالة الالتزامية ، وعليه فمع عدم ثبوت المدلول المطابقي الّذي هو عبارة أخرى عن عدم ثبوت الملزوم ، تنتفي الدلالة الالتزامية ، ولا يختلف الحال في ذلك بين مرحلة الحدوث والبقاء.
ثانيهما : ان ظهور الكلام في المدلول الالتزامي ليس بنحو الإطلاق ، وانما هو الحصة الخاصة الملازمة للمدلول المطابقي ، فالاخبار عن ملاقاة الثوب للبول اخبار عن نجاسته البولية لا مطلق النجاسة. وعليه فمع العلم بانتفاء المدلول المطابقي يعلم بانتفاء المدلول الالتزامي وهو الحصة الخاصة ، واما احتمال ثبوت غير الحصة الخاصة فهو مما لا دليل عليه ، لأنه خارج عن المدلول الالتزامي. فلا يكون حجة فيه بارتفاع الدلالة المطابقية لأنه ليس بمدلوله (١).
والتحقيق ان يقال : ان دلالة الكلام على المدلول الالتزامي تارة : تكون عقلية تنشأ من كون ثبوت الملازمة بمقدمات عقلية برهانية ، لا تصل إليها أذهان العامة والعرف. وأخرى : تكون عرفية بمعنى ان يكون للكلام ظهور عرفي في المدلول الالتزامي ، كما إذا كانت الملازمة عرفية واضحة لدى العرف.
والدلالة الالتزامية العرفية على صور : لأن المدلول الالتزامي ..
__________________
(١) الفياض محمد إسحاق. محاضرات في أصول الفقه ٣ ـ ٧٤ ـ الطبعة الأولى.