وعليه ، فيكون الشرط الواقعي للمأمور به بالأمر الصلاتي الواقعي هو الجلوس ـ مثلا ـ في حال العذر ، فيكون الإتيان بالصلاة من جلوس إتيانا بالمأمور به الواقعي ، وهو ملازم للإجزاء ، لإجزاء إتيان المأمور به بالنسبة إلى أمره.
بتعبير آخر نقول : ان دليل شرطية الجلوس لا يتعرض إلى الأمر بأصل الصلاة مع القيام ، بل يتعرض إلى دليل شرطية القيام المتكفل لإطلاق شرطيته ، فيتكفل بمقتضى الحكومة تقييد دليله بحال التمكن ، ويكون الشرط للصلاة في حال الاضطرار هو الجلوس ، فالساقط في حال الاضطرار هو شرطية القيام لا الأمر بالصلاة ، بل هو باق كما كان. لكن قيّد المأمور به بشرط آخر وهو الجلوس ، فالإتيان بالصلاة من جلوس إتيان بالمأمور به الواقعي ، وهو يقتضي الإجزاء وسقوط الأمر بالصلاة ، للإتيان بما هو المأمور به بشرطه.
وخلاصة القول : ان إجزاء الفعل الاضطراري عن الأمر الواقعي واستلزامه لسقوط في مورد تكفل دليل الاضطرار بيان سببية ومحققية الفعل لما هو الشرط في المأمور به ، ومورد تكفله بيان شرطية الفعل في حال عدم التمكن ونفي شرطية غيره في هذه الحال أمر واضح جدا لا يحتاج إلى تكلف بيان ومزيد برهان ، كما جاء في التقريبات الأخرى للاجزاء. ولعله لأجل وضوحه وكونه على طبق القاعدة كان الإجزاء في فتاوى الأعلام أمرا مفروغا عنه ولا يتردد فيه أحد ، بل ان الفقيه الهمداني رحمهالله التزم بطرح رواية موثقة مفادها لزوم القضاء في مورد الإتيان بالفعل الاضطراري ، لجهات منها مخالفتها للقاعدة العقلية المسلمة وهي الإجزاء ، ومنافاتها لها.
ولكن الّذي ينبغي التنبيه عليه ـ كما أشرنا إليه ـ هو ان هذا التقريب الّذي ذكرناه يتكفل بيان الإجزاء في الأوامر الضمنية الاضطرارية كالأوامر المتعلقة بالشروط والأجزاء.