المطاردة بينهما بذلك ، كما لا يطارد المهم الأهم ، وقد ذكرنا هذا التوجيه فيما تقدم. واما ارتباط ما ذكره الشيخ بالترتب ـ حيث ان ظاهره التخيير بين الضدين ـ فهو يظهر عند ترك كل من المتعلقين ، إذ لازمه اجتماع الأمرين في زمان واحد ، ولا محذور فيه بعد ان كان كل منهما مشروطا بترك متعلق الآخر لارتفاع المطاردة بينهما فلا مانع من اجتماعهما في ظرف واحد.
ومن العجيب ما نقل عن بعض من إنكاره ارتباط ما ذكره الشيخ بالترتب ورجوعه إلى التخيير بين الضدين ولزوم الإتيان بأحدهما ، وهو لا مساس له بالترتب. فان هذا ناشئ عن عدم التأمل في نظر الشيخ ومقصده.
ومما ينبغي ان ينتبه إليه ان الوجهين المزبورين المذكورين لتصحيح الترتب انما يرتبطان ببعض صور الترتب ، وهو تعليق الأمر بالمهم على عصيان الأمر بالأهم ومخالفته ، دون ما لو علق الأمر بالمهم على ترك الأهم ، إذ حديث عدم الإطلاق والتقييد بالإضافة إلى عدم مؤثرية الأمر وعصيانه أجنبي عنه بالمرة ، كما ان حديث عدم التزاحم بين تأثير الأمرين الفعلي لتعليق المهم على عدم فعلية تأثير الأهم لا يرتبط به كما لا يخفى.
ولأجل ذلك رأينا ان نسلك في تقريب الترتب وتصحيحه مسلكا آخر غير هذين المسلكين ، وان كان في الحقيقة مستقى منهما غير مبتكر.
وهو ان نقول : ان ارتفاع التزاحم في مقام التأثير الفعلي يتحقق بمجرد تعليق الأمر بأحدهما على عدم متعلق الآخر ، الملازم لصورة كون فعليه تأثير أحدهما في ظرف عدم تحقق متعلق الآخر ، فان الأمر إذا كان كذلك امتنع تحقق التزاحم بين الأمرين في مقام فعلية التأثير ، إذ مع فعلية الأمر بالأهم لا يتحقق ترك متعلقه فلا يثبت الأمر بالمهم لعدم موضوعه ، ومع فعلية تأثير الأمر بالمهم يمتنع ان تفرض فعلية تأثير الأمر بالأهم ، لأن فعلية تأثير المهم مرتبة على ترك