الغريق ، فانه لا إشكال في ارتفاع الحرمة لو جاء بالواجب بعد تحقق المقدمة واتصاف المقدمة بالوجوب الغيري ـ على القول به ـ ، كما انه لا إشكال بينهم فتوى في حرمة المقدمة لو لم يتحقق الواجب بعد المقدمة ، فيرون ان الدخول إلى الأرض المغصوبة محرم إذا لم يكن لأجل ان يترتب الواجب عليه ، وقد وقع البحث في تعليل ذلك ، مع أن الدخول في الأرض المغصوبة لا يخرج بذلك عن كونه مقدمة والمفروض انها واجبة.
فذهب الشيخ إلى : ان حرمتها لأجل اعتبار قصد التوصل إلى الواجب في وجوب المقدمة ، وهو منتف في الفرض فتكون المقدمة على حكمها الأول (١).
كما ذهب صاحب الفصول إلى : اعتبار الإيصال في وجوب المقدمة ، وهو منتف فيما نحن فيه ، فتكون المقدمة على حكمها الأول.
وقد مرّ الكلام في كلا القولين مفصلا.
وبما ان المحقق النائيني ممن تبع صاحب الكفاية في الالتزام بوجوب مطلق المقدمة وعدم اختصاصه بحصة منها دون أخرى ، خرّج هذا الفرض على مسألة الترتب ، فذهب إلى : ان حرمة المقدمة مترتبة على عصيان وجوب ذي المقدمة ، فعند عدم الإتيان بذي المقدمة تكون المقدمة محرمة بحكم الترتب.
إلا ان إجراء الترتب في المقام يرد عليه لأول وهلة إيرادان :
أحدهما : استلزامه اما الالتزام بالشرط المتأخر الممتنع لو فرض ان المرتب عليه حرمة المقدمة فعلا هو عصيان وجوب ذي المقدمة. واما الالتزام بما يحتاج إلى دليل خاص وهو غير موجود لو فرض ان المعلق عليه حرمة المقدمة هو عنوان التعقب بعصيان وجوب ذيها.
ثانيهما : استلزامه اجتماع الحكمين المتضادين وهما الوجوب والحرمة ، لأن
__________________
(١) الكلانتري الشيخ أبو القاسم. مطارح الأنظار ـ ٧٢ ـ الطبعة الأولى.