الظاهري كي يبحث عن اجزاء العمل على طبقه عن الواقع. فهو خارج عن موضوع البحث في الاجزاء وعدمه. فموضوع البحث ما إذا كان للحكم الظاهري ثبوت واقعي في زمان محدود يتحدد بانكشاف الخلاف ، بحيث يكون انكشاف الخلاف رافعا للحكم الظاهري من حينه لا من أول الأمر ، فهو لا يكشف عن عدم ثبوت الحكم الظاهري وانما يقتضي ارتفاعه. كما إذا استند في عمله إلى قول المجتهد المفروض انه حجة في حقه ، ثم بعد حين انكشف له باجتهاده ان الواقع على خلاف رأي المجتهد الّذي كان يقلده ، فان انكشاف الخلاف لا يسلب حجية القول المجتهد في ظرفها ولا يكشف عن عدم حجيته ، فلا يقتضي الا رفع الحكم الظاهري لا نفيه من أول الأمر ، فللحكم الظاهري ثبوت واقعي ، فيبحث في انه يقتضي اجزاء العمل المأتي به على طبقه عن الواقع أو لا.
ومن هذا البيان يظهر ان تبدل الرّأي الحاصل للمجتهد وانكشاف كون الحكم الواقعي خلاف ما كان يرتئيه أولا لا يدخل في موضوع البحث ـ بالنسبة إلى عمل نفسه دون مقلديه كما سيظهر ـ ، وذلك لأن الحكم الظاهري الثابت في نظره أولا بواسطة الاستناد إلى حجة حكم تخيلي ، فانه ينكشف لديه انه قد اشتبه في استفادة الحكم المذكور ، اما لاشتباهه في دلالة الدليل فكان يتخيل ظهوره في شيء ثم يظهر له انه ظاهر في غيره ، أو لاشتباهه في سند الدليل بتخيل ان الخبر لعادل فظهر انه لغير عادل.
وبالجملة : الّذي يتبين للمجتهد في أغلب الموارد انه لم يكن ما استند إليه في مقام العمل وإبداء الرّأي حجة شرعية ـ فلم يكن ما تخيل انه ظاهر بظاهر فلا يكون حجة ، وما تخيل انه خبر عادل بخبر عادل وهو غير حجة وهكذا ـ ، فليس للحكم الظاهري السابق وجود واقعي في حقه ، إذ ليس هناك ما يقتضيه ، لأنه ينشأ عن قيام الحجة ، بل كان له وجود تخيلي انكشف عدمه من أول الأمر