وهناك وجه آخر لحلّ هذا الإشكال نقله في الكفاية وهو : الالتزام بان متعلق الطلب هو نفس الماهية والغاية منه وجودها ، فلا يلزم تعلق الطلب بما هو حاصل كما لا يخفى.
وأورد عليه في الكفاية : ان الطبيعة بما هي هي ليست إلاّ هي فلا يعقل تعلق الطلب بها (١).
وقد تقدم منا توضيح هذا القول والمناقشة فيه.
فالذي ينبغي ان يقال في الإشكال على هذا الوجه وبيان بطلانه هو : ان الإشكال المذكور ـ أعني استلزام تعلق الطلب بالوجود لطلب الحاصل ـ لا يختص بالطلب فقط ، بل يتأتى في غيره وهو الإرادة التكوينية لسائر الأفعال ، فانها عبارة عن الشوق الواصل إلى حد التأثير وعدم وجود الموانع في الخارج ، فتعلق الشوق بالوجود يستلزم تعلقه بما هو حاصل ، وهو مما لا معنى له لأنه يستلزم تحصيل الحاصل.
بل في الحقيقة ان الإشكال في باب الطلب انما هو لأجل تأتي الإشكال في باب الإرادة والشوق ، لأن الطلب ينشأ في الحقيقة عن وجود الإرادة التشريعية وتعلقها بفعل المكلف المستتبعة لطلبه منه ، كما ان الطلب انما هو لأجل دعوة المكلف وتحريكه نحو متعلقه ، فهو يستتبع تعلق الإرادة التكوينية من المكلف بما تعلق به.
وعليه ، فالتصدي إلى حلّ الإشكال في خصوص الطلب لا يجدي بعد ان كان الإشكال متأتيا في الإرادة والشوق ، وهما من مستلزمات وجود الطلب ، فان الطلب تابع للإرادة التشريعية ومستتبع للإرادة التكوينية المتعلقتين بما تعلق به ، فلا بد من بيان الوجه الّذي به يصحح تعلق الجميع بالوجود.
__________________
(١) الخراسانيّ المحقق الشيخ محمد كاظم. كفاية الأصول ـ ١٣٩ ـ طبعة مؤسسة آل البيت عليهمالسلام.