٢١
لم تستطع السيدة حكيمة الصبر أكثر وارتدت بدلة الخروج وشدت نقابها وانطلقت صوب درب الحصا .. إنها لم تحب صبيّا حبّها لمحمد كيف وقد آتاه الله الحكمة صبيا يكلم الناس في المهد .. ولكأن نبع الحب قد تفجر في قلبها فهي لا تستطيع الصبر عن رؤية آخر الحجج الالهية .. والانسان الذي سيملأ الدنيا عدالة وخيراً ويغسل عن الأرض الآثام الخطايا ويرفع عن المقهورين السلاسل والأغلال التي عليهم ..
من أجل هذا فهي لم تعد تنظر اليه كصبي ألقى الله محبته في القلوب فحسب بل تنظر اليه كأمل مشرق ومخلّص ينقذ المقهورين من ويلات الظلم والاستعباد.
كان فضاء المنزل يفوح برائحة طيبة .. عبيراً يشبه شذى الورود الربيعية .. قادتها الجارية « نسيم » الى الحجرة التي تقطنها السيدة نرجس ووقعت عيناها على الصبي الطاهر في باحة الدار .. كان وجهه يتألق كقمر في سماء صيفية ..
عطست « نسيم » فقال الصبي بلغة فصيحة :