المشهد الآن داخل القصر .. خليفة شاب في الخامسة والعشرين من العمر ، يمتاز برجاحة عقل وحسن تدبير انه يفكر بانقاذ الخلافة من براثن النفوذ التركي المتسلط .. واستعادة المجد العباسي ..
أربعة ضباط اتراك يضمر كل منهم للآخر الكيد ويحاول افتراس صاحبه قبل أن يفترسه ، فيما ظهر ابن الخصيب حرباء تتلون حسب الظروف وأفعى تنفث سمها وحقدها في كل اتجاه.
أما بغا الكبير فقد كان يخطو خطواته الأخيرة نحو القبر بعد أن ذرف على التسعين .. لقد اكتفى بمساندة الاتراك وتأييد الحركة الانقلابية فقط .. ما دام ابنه بغا الصغير المعروف بالشرابي أحد قادتها ومنفذيها.
شعر المنتصر أنه ارتكب خطأ فادحاً بتعيينه أحمد بن الخصيب رئيساً للوزراء ، خاصة بعد أن تناهت اليه حادثة مؤلمة (١) أثارت استياء الناس.
كان المنتصر قد كسب شعبية ومحبوبية بين الناس بسبب سياسته المعتدلة وتخفيفه من محنة العلويين ولكن ثمة أشياء كانت تلقي ظلالها على وجه المنتصر أنه في كل الاحوال قاتل أبيه ، وقاتل الأب لكن يكون طيباً في نظر الناس مهما تفانى في طيبته! ان سياسة رئيس الوزراء ونفوذ الزعامات التركية قد اصبح واقعاً مريراً يحس بوطأته الشعب ، وكان المنتصر يدرك ذلك جيداً ،