ولذا اجتاحته مشاعر الندم المريرة منذ بدء العام الهجري الجديد الذي أطل مع ربيع سنة ٨٦٢ هـ.
واضحى قصر « المحدث » بؤرة للمؤامرات والدسائس من جديد ، وما أثار مخاوف الاتراك ان المنتصر قد اصبح كئيباً يعاني من موجات حزن تنتابه بين فترة وأخرى.
كان قمر محرم الحرام بدراً بهياً ، ولم تفلح نسائم آذار المنعشة في أن تدخل البهجة على النفس المعذبة ... « المنتصر » يعيش احزانه وحيداً تحاصره مشاعر الندم .. ما الذي فعله؟! .. ان كل شيء كان يحلم في تحقيقه يتحطم على صخرة التعسف التركي البغيض .. هؤلاء القتلة الذين مزقوا أبي إرباً ارباً فعلوا ذلك لكي تصبح الخلافة العوبة بايديهم .. ها أنا اصبح دمية في أيديهم .. واجتاحته موجة من الغضب فغمغم ولكن باصرار :
ـ سوف أمزقهم جميعاً .. قتلني الله ان لم اقتلهم وافرق جمعهم (٢)!
لكنه يشعر باليأس .. اليأس من الاصلاح وكيف يمكنه مقاومة العاصفة المجنونة ..
ان هؤلاء الاجلاف قد استعذبوا التسلط .. سيوفهم في أيديهم .. والخناجر ؛ واسهل ما عندهم ذبح الانسان من الوريد الى الوريد .. الذين يعرفون « المنتصر » يعرفون مأساة الذي اكتشف أنه لم يحصد سوى الريح ..