في المساء امتطى المنتصر حصانه والهبه بالسياط فانطلق به نحو الافق البعيد لكأنه يريد الهرب لا يدري الى أين؟! وعندما عاد الى القصر كان يتصبب عرقاً (٣) فألقى بنفسه في إيوان كانت تهب خلاله نسائم باردة.
القصر يكاد يكون مهجوراً ذلك المساء .. ولم يكن أحد يستطيع الاقتراب من المنتصر هيبة له .. انه يفضل أن يكون وحيداً مع احزانه وعذاباته ..
لم يغف المنتصر طويلاً حتى هبّ من نومه مرعوباً .. يبكي .. تطارده اشباح مخيفة..
ونهض من مكانه يدور في أروقة القصر لكأنه يبحث عن شيء وعندما وقعت عيناه على أحد موظفي القصر قال له بحزن :
ـ اين ذلك البساط (٤)؟
وأدرك أيوب قصد الخليفة :
ـ عليه آثار دماء فاحشة .. وقد عزمت أن لا أفرشه من ليلة الحادثة.
قال المنتصر :
ـ لم لا تغسله وتطويه؟
ـ اخشى أن يشيع الخبر عندما نفرشه؟
قال المنتصر بمراراة :
ـ وهل تظن ان الحادثة بقيت سراً .. ان الأمر اشهر من ذلك ..