استفهام كبرى عبر القرون .. فلأول مرة يقوم خلفاء سامراء بهذه الخطوة وربما لآخر مرة.
استقر الخليفة في مجلسه في حجرة الاستقبال وكان قد صرف جميع حراسه منذ أن وطأت قدماه باحة المنزل ..
وكان واضحاً تماماً ومن خلال جلسته المؤدبة وعينيه اللتين تنظران بضراعة وتوسل .. ان لدى الخليفة طلباً هاما .. طلباً غير معقول .. طلباً لو سمعه أبوه « المتوكل » لانبعث من حفرته برغم الديدان التي لم تخلف منه سوى هيكل عظمي منخور ..
قال الخليفة بلهجة شابها رجاء وتوسل :
ـ يا بن رسول الله! ادع الله أن يمد في عمري فأبقى في الخلافة عشرين سنة!!
الله وحده الذي يراقب الأعماق .. ساد سكوت مهيب فضاء الحجرة وكان الامام مطرقاً لكأنه يتصفح كتاباً عجيباً .. كتاباً يطل المرء م خلاله على سطور الغيب فيقرأها .. وعلى آفاق الزمن القادم فيستكشفها ..
ماذا حصل لكي يرفع الامام رأسه بعد لحظات مدوية من الصمت؟ وماذا حصل لكي تتألق عيناه بنور شفيف؟ وماذا حدث لكي يبدو الوجه الأسمر مغموراً بهالة من الأنوار الشفافة؟! ولكن المعتمد شعر بأن الكلمات التي يسمعها قادمة من أعماق الغيب المستور هاهو يصغي الى كلمات ابن الرضا تخاطبه :