٢٧
استمر المأتم وكانت رائحة طيبة تشبه رائحة الطين المعطور تفوح في فضاء المنزل .. الشمس ما تزال مستورة بالسحب بالرغم من أن قرصها المستدير قد بدا شفافاً يشبه القمر في لحظات الغروب وفي أصيل ذلك اليوم وصل وفد من مدينة قم يحمل معه رسائل من أهلها اضافة الى هميان يشتمل على الحقوق الشرعية التي يتوجب تسديدها الى الإمام أو من يوكله ..
في حجرة السيدة نرجس جلست النسوة وكانت أم الحسن اكثرهن إحساساً بالفجيعة ، حتى ان المرء إذا رآها في تلك الحال سيحدس أنها لن تعيش بعد ابنها إلا أياماً معدودات أما السيدة نرجس فقد بدا وجهها سماء مثقلة بغيوم ممطرة .. عيناها تبحثان عن عزيز فقدته .. زوج كريم رحل وتركها وحيدة وولد طاهر تحمل أمانة كبرى وقرر خوض ملحمة الصراع المرير أمام أعداء لا يعرف لهم عدد .. حتى عمه جعفر غدر بهم .. انه لم يعد يرى شيئاً سوى نفسه وسوى اطماعه وحرصه وجشعه وتهافته على حطام الحياة الدنيا!