« المربط » قد صح عزمهم على مغادرة سامراء عائدين .. كانوا يتوجسون شرّاً من جعفر لأنهم حدسوا أن هناك من يقف وراء جعفر مروجاً لامامته لأسباب غامضة .. أو طمعاً في المال وأمضوا ليلتهم في الخان يتسامرون ، وكانت الحيرة واضحة وهم يتحلقون حول موقد مسجور.
وكان واضحاً من حيرة أبي العباس ان المستقبل قد بات مظلماً .. فقد بدا ساهماً غارقاً في الوجوم .. هل يمكن أن تنتهي الامامة هكذا؟! وهل يمكن أن تخلو الأرض من حجة لله .. من انسان كامل؟! .. ان الامام يمثل نقطة السلام في دنيا تموج بالزلازل وتعصف بها الحوادث ..
وخفتت الأصوات وكان الجمر يخبو شيئاً فشيئاً .. وكان صوت عواء بعيد يتناهى الى الأسماع.
في الصباح الباكر وفيما كانت غيوم كانون تتراكم فوق بعضها البعض غادر الرجال الخان ليجدوا مجموعة من حرس الخليفة سوف يرافقونهم الى خارج سامراء حسب رغبتهم ..
بالرغم من سهرهم الطويل وتبادلهم الأحاديث المتشعبة إلاّ أن أجواء الحيرة ما تزال تسودهم .. فهم يعتقدون ان الامامة ستستمر حتى يوم القيامة .. لأن الأرض لا تخلو من حجة الله .. من إنسان يقودهم نحو الكمال .. وهاهم يفدون على إمامهم فلا يجدوه .. ولا يجدوا إماماً يقوم مقامه ..