وثورة في مدينة حمص السورية .. وأغار الأعراب على مدينة مكة المكرمة ونهبوا كسوة الكعبة المشرفة وتعرضت ديار ربيعة في الموصل الى غارات وحشية شنتها قوات من الروم.
وفيما كان العالم الاسلامي مشدوهاً بما يجري والأرض تهتز تحت وقع سنابك خيل مجنونة ؛ كان الامام المهدي مستمراً في غيابه إن ثورته الكبرى لا تنتمي الى هذا الزمن الرديء .. إنها ثورة الحلم الأخضر والغد المشرق القادم من قلب الظلمات.
كان السفير الأول للامام في بغداد يخطو باتجاه النهاية الحتمية التي تكمن في طريق الانسان .. كل انسان ، ونحن الآن على مشارف سنة ٢٦٧ هـ ٨٨٠ م وقد اجتمع رجال في منزل العمري سفير الامام يعودونه في وعكة صحية المّت به.
كانت نسائم تموز في ذلك الأصيل البغدادي تهب حاملة معها أنداء دجلة.
أشار الرجل الى ابنه أن يحضر صندوقاً صغيراً وعندما أصبح بين يديه فتحه واستخرج رسالة الامام المهدي وسلمها الى ابنه وهمس بصوت فيه حشرجة احتضار :
ـ اقرأها يا بني لتكون حجة على الشاهد ودليلاً للغائب؟
وراح محمد يقرأ بخشوع كلمات قادمة من وراء الاستار (١٩٨) :
ـ بسم الله الرحمن الرحيم .. عافانا الله واياكم من الضلالة والفتن ، ووهب لنا ولكم روح اليقين ، وأجارنا واياكم من سوء