وتعب السفر قد جعله في وضع يرثى له مد رشيق يده ليساعد صاحبه على الخروج .. وأراد الآخر أن يجرب حظه العاثر فشعر بالرعب ليغادر المياه بسرعة ووجل ..
وظل رشيق مبهوتاً ينظر الى الرجل الذي ما انفك من صلاته وقد غمرته سكينة بعثت الرعب في قلوبهم .. هتف رشيق وقد خضع قلبه لهذا الرجل العجيب:
ـ المعذرة الى الله واليك .. فوالله لا أعرفه قصتك .. ولا إلى من أجيء .. وأنا تائب الى الله.
لم يلتفت الامام اليه .. شعر رشيق بأن دقات قلبه تستحيل الى طبول مجنونة .. فغادر المكان لا يلوي على شيء.
كان المعتضد يحدق خلال ظلمة الغروب الخفيفة الى بوابة القصر ينتظر عودة رجاله .. وقد ضاعف منظر الغيوم المتراكمة في الأفق حيث ذرى النخيل من احساسه بالقلق.
كان قد أوصى الحراس الا يعترضوا الرجال الثلاثة اذا حضروا في أي وقت حتى بعد منتصف الليل!
أوى المعتضد الى مخدعه وألقى بنفسه فوق سرير وثير بعد أن وضع سيفه جانباً .. وصب لنفسه قدحاً من خمر قطربلي يحتفظ به لنفسه اذا ما داهمه القلق أو أراد أن يقدم على عمل خطير ..
ان رأسه يتصدع .. مضت ساعة عندما سمع طرقاً على باب غرفته وصوت الحارس يقول :