( المشروع الثالث )
نقد الفقه الشاذ عن الرأي المشهور فإن الممارس الخبير بتاريخ الفقه الشيعي يجد أنّ الشذوذ يبدأ بابن الجنيد الأسكافي القديم من أصحابنا المتوفي سنة ٣٨١ ه ، ونقصد بالبدء فقهاءنا الذين عاشوا بدايات الغيبة الكبرى من المجتهدين دون أرباب الحديث من أمثال الصدوق عليه الرّحمة.
ثم ابن إدريس الحلّي المتوفي سنة ٥٩٨ ه ثم الشهيد الثاني إلى حدّ ما ثم المقدّس الأردبيلي المتوفي سنة ٩٩٣ ه ثم تلميذه السيّد السند في « المدارك » المتوفي سنة ١٠٠٩ ه ثم الشيخ محمد باقر السبزواري صاحب « الكفاية » و « الذخيرة » المتوفي سنة ١٠٩٠ ه ثم الشيخ المحدث محمد محسن المدعو بالمرتضى والمشهور بالفيض الكاشاني.
وقد كرّس الوحيد البهبهاني جهوده لنقد مدرسة الشذوذ الفقهي وقد وفّق إلى حدّ كبير حيث علّق على « المدارك » و « المسالك » وشرح « المفاتيح » للفيض شرحا وافيا وفنّد آراءه ودحض حجته إلاّ انه لم يوفّق لإكماله.
كما كتب عدّة رسائل في ردّ معاصره المحدث البحراني فيما شذ فيه من رأي ، وشجّع تلامذته على هذا المنهج القويم وشدّ عزمهم حتّى قاموا بانجاز موسوعات فقهيّة كبيرة مشحونة بالتحقيق والتدقيق أمثال الشيخ جعفر النجفي صاحب « كشف الغطاء » والسيد بحر العلوم في « مصابيحه » والسيّد علي في « رياضه » إلى غيرهم من الفضلاء والأعيان ، فساروا على دربه ومضوا على نهجه ، ومن بركة ذلك ما بلغ إليه الفقه الشيعي من تجديد وإبداع على صعيد الفروع والأصول ، بل بلغ الذروة على يد حفيد هذه المدرسة ومشيّد صرحها الشيخ الاعظم مرتضى الانصاري اعلى الله تعالى مقامه الشريف.
وأعود مرّة أخرى فأقول :
ومن هنا ظهرت من الموسوعات الفقهيّة ببركة أنفاس هذا الرجل العظيم في هذا القرن ما لم يظهر قبلها ولا بعدها لا كثرة ولا مادّة.
فقد كتبت المئآت من الكتب الفقهية وبرزت العشرات من الموسوعات المفصّلة