والشأن ، كما في قولهم : « رأيت أمرا هالني » و « لأمر ما جدع قصير أنفه » و « أمر فلان مستقيم » و « لأمر ما يسود من يسود ». وقد عرفت جوابه (١).
وبأنّه لو قيل : « أمر فلان » تردّدنا بين الأشياء المذكورة والقول والفعل وهو آية الاشتراك (٢).
والجواب : منع التردّد بل يتبادر القول. هذا.
ويظهر لك فائدة الخلاف في الأيمان ، والنذور ، والتعليقات. وكيفيّة التفريع ظاهرة.
وعلى ما اخترناه يمكن الاستدلال بالآيات الدالّة على وجوب اتّباع الأمر ـ كقوله تعالى : ( فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ ) (٣) ـ على وجوب اتّباع أفعاله صلىاللهعليهوآله.
لمّا عرفت أنّ الأمر حقيقة في القول الدالّ وضعا على طلب الفعل استعلاء (٤) ، فاعلم أنّه حدّه ، والقول جنس يخرج الإشارة والقرائن ، فالطلب بهما لا يسمّى أمرا (٥).
وقولنا : « الدالّ على الطلب » يخرج ما لا يدلّ عليه ، كالخبر ، والتهديد ، وأمثالهما.
واحترز « بالوضع » عن الدالّ على الطلب لا بالوضع ، كقولنا : « أوجبت عليك » أو « أنا أطلب منك كذا » أو « إن تركته عاقبتك » ؛ فإنّه في الأصل خبر عن الطلب وليس به ، وإن دلّ عليه عرفا.
وإضافة « الطلب » إلى « الفعل » تخرج النهي. « والاستعلاء » يخرج ما على جهة التسفّل ، وهو الدعاء ، وما على سبيل التساوي وهو الالتماس.
والحقّ اشتراط الاستعلاء كما هو رأي المحقّقين (٦) ، وعدم اشتراط العلوّ ، كما هو رأي
__________________
(١ و ٢) تقدّما في ص ٥٩٣.
(٣) النور (٢٤) : ٦٣.
(٤) في ص ٥٩٣.
(٥) حقّ العبارة أن تكون هكذا : « فالإشارة والقرائن الدالّة على الطلب ليست أمرا ».
(٦) منهم : البصري في المعتمد ١ : ٤٣ ، والفخر الرازي في المحصول ٢ : ١٧ ، والآمدي في الإحكام في أصول الأحكام ٢ : ١٥٨ ، وابن الحاجب في منتهى الوصول : ٦٥ ، والعلاّمة في تهذيب الوصول : ٩٣ ، والمحقّق الحلّي في معارج الأصول : ٦٢.