المعتزلة (١) ، والأمرين (٢) كما هو رأي جماعة (٣) ؛ لعدّ (٤) العقلاء أمر الأدنى الأعلى سفها ، فلو اشترط العلوّ لما كان هذا أمرا ، ولو لا أنّ فيه الاستعلاء لما عدّ سفها. ويدلّ على عدم اشتراط العلوّ قوله تعالى حكاية عن فرعون : ( فَما ذا تَأْمُرُونَ ) (٥).
فإن قيل : هذا يدلّ على عدم اشتراط الاستعلاء أيضا.
قلنا : ممنوع ؛ لأنّا نلتزم تحقّق الاستعلاء فيه ؛ لأنّ افتقار فرعون إليهم في علمهم اضطرّه إلى التخضّع لهم ، وترخّصهم في التكلّم معه على جهة الاستعلاء تعظيما لعلمهم ، وقس عليه أمثاله.
ولو قطع النظر عنه نقول : لمّا علم بالدلالة اعتبار الاستعلاء ، يتعيّن إرادة المعنى المجازي من مثله.
ويدخل في إطلاق الطلب الإيجاب والندب ، ولا يلزم منه كون مطلقه أمرا ؛ لأنّ الأمر هو القول الدالّ بالوضع على الطلب. ولو جعل نفس الطلب ـ كما هو رأي جماعة (٦) ، وإن لم يكن صحيحا عندنا ، كما يأتي (٧) ـ فليس مطلق الطلب ، بل الطلب بالقول الدالّ بالوضع عليه.
وعلى التقدير الأوّل (٨) ينحصر بصيغة « افعل » وما بمعناها في لغة العرب كالمضارع المقرون باللام ، واسم الفعل ، مثل « رويد » و « صه » أو غيرهما ؛ لأنّ غيرهما (٩) ـ ممّا يدلّ على الطلب مطلقا كـ « أمرتك » أو مقيّدا في وجوب كـ « أوجبت » و « حتّمت » ، أو ندب مثل « ندبت » و « سننت » ـ لا يدلّ عليه وضعا.
__________________
(١) حكاه البصري في المعتمد ١ : ٤٣ ، والفخر الرازي عن المعتزلة في المحصول ٢ : ٣٠٢.
(٢) عطف على العلوّ ، أي عدم اشتراط الأمرين وهما العلوّ والاستعلاء.
(٣) حكاه الأسنوي عن القاضي عبد الوهّاب في التمهيد : ٢٦٥.
(٤) هذا تعليل لكفاية الاستعلاء في تحقّق الأمر.
(٥) الأعراف (٧) : ١١٠.
(٦) منهم : المحقّق الحلّي في معارج الاصول : ٦٤ ، والعلاّمة في تهذيب الوصول : ٩٤ ، والأسنوي في نهاية السؤل ٢ : ٢٢٦ ، والشهيد الثاني في تمهيد القواعد : ١٢١ ، والفاضل التوني في الوافية : ٦٨.
(٧) يأتي في ص ٥٩٩.
(٨) أي كون الأمر هو القول الدالّ بالوضع على الطلب.
(٩) أي غير صيغة افعل وما بمعناها.