ضدّ الموافقة وهي اعتقاد حقّيّته ، فلا يتمّ الاحتجاج (١).
فإن قيل : يمكن أن يكون الفاعل ضميرا مرجعه ( الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ )(٢) فلا يثبت به المطلوب.
قلت : هم المخالفون ، فكيف يؤمرون بالحذر عن أنفسهم. ولو سلّم بقي قوله : ( أَنْ تُصِيبَهُمْ ... ) الآية ، ضائعا. هذا ، مع أنّ الإضمار خلاف الأصل.
فإن قيل : قوله : ( عَنْ أَمْرِهِ ) مطلق لا يعمّ ، والمطلوب إفادته الوجوب في جميع الأوامر.
قلنا : المصدر المضاف عامّ عند عدم العهد ؛ لجواز الاستثناء عنه ؛ مع أنّ الإطلاق كاف في المقصود ؛ إذ التهديد على مخالفة مطلق الأمر ينافي كون بعض أفراده حقيقة في غير الوجوب ؛ على أنّ كون صيغة ما منه (٣) للوجوب يكفي لإثبات المطلوب ؛ لعدم القائل بالفصل.
ومنها : قوله تعالى : ( وَإِذا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لا يَرْكَعُونَ )(٤) ، ذمّهم على مخالفتهم الأمر ، ولو لا أنّه للوجوب لما توجّه.
واعترض عليه بوجهين (٥) :
أحدهما : أنّ الذمّ على التكذيب لا على الترك ، بدليل قوله تعالى : ( وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ )(٦).
والجواب : الظاهر من السوق أنّه للترك ، والويل للتكذيب ، سواء اتّحد أهل الترك والتكذيب ، أم تغايرا.
وثانيهما : أنّ القرينة هنا دلّت على إفادته الوجوب ، وهي علم المخاطبين من الخارج بوجوب الصلاة على كلّ أحد.
وجوابه : أنّه تعالى رتّب الذمّ على مجرّد ترك الركوع ، فالاعتبار به لا بالقرينة.
__________________
(١) قاله الآمدي في الإحكام في أصول الأحكام ٢ : ١٦٩.
(٢) النور (٢٤) : ٦٣.
(٣) أي من المطلق.
(٤) المرسلات (٧٧) : ٤٨.
(٥) حكاهما الفخر الرازي في المحصول ٢ : ٤٧ باختلاف يسير.
(٦) المرسلات (٧٧) : ٤٩.